بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 ديسمبر 2025

رجاء البقاء بقلم الراقي طاهر عرابي

 “رجاء البقاء”


قصيدة للشاعر والمهندس طاهر عرابي

دريسدن – كُتبت في 30.06.2023 | نُقِّحت في 04.12.2025


من حبّ الحياة… للحياة

كتبتُ هذه القصيدة في لحظة انكسار داخلي،

حين بدت الكلمات عاجزة… لكنها كانت وحدها الممكن

في مواجهة الخوف والخسارة والخذلان،

تشكل النص على حوافّ الصمت والغضب.

لا أقدّم إجابات،

بل الأسئلة التي هربنا منها طويلًا:

عن الحق، والحرية، والكرامة والمساواة،

ويميل إلى ما يرهق الأجيال من هزيمة وكراهية وضياع

في البيت والشارع،

وعن هذا الحب الذي نمنحه للحياة… رغم كل شيء.


هل أبطأ الموروث حركتنا؟

هل جعلنا نرزح تحت جبال من الجدليات؟

أفقنا على ألف نظرية للعبادة…

ونمنا غرباء نتخبط بالسؤال:

كيف سيطلع الصبح؟

أبرياء نحن… أم متهمون؟



“رجاء البقاء”


1


الجميع متهم… وأنا منهم،

مكموم الفم،

لا قول يُدرك بالعقل،

ولا فهم يرفعني أمام العدم.


تحلم أن تفي بوعدك لنفسك،

لكن لوعة الفشل تلاحقك،

تنهرك بابتسامة مصطنعة

لا يسيل منها لعاب الصدق،

عودت نفسك على الخسارة،

حتى في المنام لا حلم يأتي من الجنة

إن كنت مسرفًا في الصمت،

وغارقًا في حبّ الملامة.


لقد فهمت وحدك:

كل شيء لدينا هبة الحياة،

سخاء المطر،

وروح البساتين…

فلنفعل إذن ما يشتهيه الوجود!


محراث الأرض لا يزرع القمح،

والقمح لا يحمل كعكة العيد.

أنا مثلك، أخشى الفواحش الكبرى:

الصمت عن الحق،

والتذرع بالخوف…

خوف الرغيف، وخوف الرؤية

في قبو تحرسه عيون البؤس.


2


ونحن، هل نحلم بالجري ونحن زواحف خوف؟

لا فرق بيننا إلا فيما نظنه “واجبًا” للحياة!


أهذا زمن الغنائم،

حتى وإن كانت في الوطن؟

ونتعجب من الفشل ونحن نستغرق في تحسس وجودنا؟

كل شيء ضاع،

وانتبهنا بعد سقوط اللون عن وجوهنا.


نقلب الموروث الذي لم يعترف أحد بتسلمه،

وكان وقودًا لمن عاش ليبقى بعيدًا عن الصخب،

وماتت الحقيقة… لتقهرنا.

وضعوه وغابوا كريشة عصفور وقعت في بركان…

أين العصفور صاحب الديوان؟


حان وقت الكلام،

وسيكون طويلًا…

حتى تصبح الحروف

جداول في بساتين الجفاف،

وتدب الحياة في أوردتنا أولًا،

ليحمل التفاح زهرًا يشبهنا،

وترضى العصافير بالبقاء.

فكل شيء ممكن، إن أردنا الوفاء.


3


لم يبق شيء لم نقله تكفيرًا عن الصمت،

ولا شيء يذكّرنا بأننا قلناه

لمن يمكن أن يكون شاهدًا

على رؤيتنا في زمن الإغماء.


وليخرج الصحفي إلى الأكشاك،

ليعرف كم مرة تُباع جريدته.

وأنا… سأربح الرهان!

سنلفّ بها خبز الزيت والزعتَر،

ونقول:

الحبر الأسود محروق، لا طعم له…

والزيت أبقى من الحروف!


وليطفئ المفكر سيجارته،

ويلقي على السامعين أفكار الوجودية،

وليصغِ إليه من يصغي.

لن يصغي التعب،

ولا الواهمون الذين يظنون

أن الثورات تأتي من عطاء القدر.


4


الجميع كان بريئًا من دم سعادته،

وجريئًا في قتلها.

خسرنا قبل أن نقامر،

وبنينا سدًّا قبل أن نعرف أين يسقط المطر،

وأي نهر يتعب من السيول،

وأين نحن… وقت اجتهاد الأرض

في أزمة تداخل الفصول.


نكثر من إسداء العبر،

لنعرف وجوهنا:

مرصعة بالبؤس،

محفورة بالندوب والكسور.


من نحن،

في زمن القهر والغدر؟

في زمن الهروب من الفجر،

والريبة في الطريق، والصديق، والشرفات؟


نعاتب حتى الرضيع في فشلنا،

ونتشرد في الجيل الواحد مرتين… وأكثر.

قتلنا طيورًا كانت تغني لنا،

لكننا لم نسمعها

وسط صخب الجدل

ودوي طلقات الخوف.

كانت تردد: “صباح الخير!”


5


وأنا أردد:

“صباح الخير!”

لقد جئت أبحث عن السلام في الدنيا،

فتعثرت في القنابل،

وسقطت في الخنادق،

أمسكني ما أعرفه،

ونجوت… من حبّ الحياة للحياة.


يا سيد الصبح، لك كل الصباح،

وكل الشبابيك والأبواب.

أدعوك…

لتكون نهارًا،

وتكون أنت سيد الكلمة!


— دريسدن | طاهر عرابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

نصف قرن وإرادة بقلم الراقية جهان إبراهيم

 نِصْفُ قَرْنٍ وَإِرَادَة  أَرَى الْخَمْسِينَ لَكِنْ لَسْتُ أَدْرِي أَيَأْسٌ فِي الْفُصُولِ أَمْ سُرُورُ؟ فَقَدْ مَرَّ الشِّتَاءُ وَالصَّيْف...