بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

رسالة عبلة عبر الأزمنة بقلم الراقية عبير ال عبد الله

 رسالة عبلة عبر الأزمنة

ما عدت أعرف كيف أخفي قلبي حين يمر اسمه في خاطري.

عنترة… وحدك تعرف كيف يحرس القلب، ويعود إليه دون أن يسأله أحد.


آتيك من حيث لا يصل أحد،

من صحراء بعيدة ومن ليل طوى القرون،

خارجة من ظل قصيدة لم تُكتب بعد،

حاملة رائحة الرمل ودموع الدهور،

خطواتي تعرف طريقك قبل أن تعرفني،

وقلبي يعرف الطريق إليك قبل أن تصل يديك إليه.


جئتك لا كصوت تائه،

بل كامرأة طال صمتها

حتى صار الصمت بابا وحارسا وسرا،

وكلما طرقته الريح

لمحت اسمك يتوهج في العتمة.

فتحت قلبي لك،

لا لضعف،

بل لأن القدر كان يكتبك قبلي،

ويهيئ لي حبك قبل أن أملك الشجاعة للاعتراف به.


يا ابن الصحراء…

يا ناراً إذا لامست الريح اشتعلت،

وإذا مرت بالقلب خضع،

أنا التي عبرت إليك من رمال ودهور

طوت الأعمار ولم تطو حبّي،

ومن زمن كان يردد وقع سيفك على الليل

كأنه يذكرني بأنك لم تخلق للهرب،

ولا خلقت أنا للنسيان.


قلت:

"ولقد ذكرتك والرماح نواهل

مني وبيض الهند تقطر من دمي"

وأنا…

لم أعرف رجلا يذكرني في فم الموت

كما يذكر عاشق خفقة قلبه الأولى.

كنت تقاتل العالم،

وأنا أقف خلف ستارة حيائي

أقاتل صمتي…

وكلانا ينزف شيئا

لا يجرؤ على الاعتراف باسمه.

كنت سيفا لا يصدأ في نبضي،

وعند خوفي كنت ملاذي،

وفي وحدتي…

كنت الوطن الذي لم أنطق اسمه

حتى لا يفضحني رجفه.


وذكرت:

"يا دار عبلة بالجواء تكلمي

وعمي صباحا دار عبلة واسلمي"

وأنا…

ما كنت دارا تسلم عليها،

كنت قلبا يُفتح لك وحدك،

وحين سلمت علي،

أحس قلبي بقدومك قبل أن يراه أحد.


لقد أخفيتك أكثر مما يليق بحبك،

وخفت منك أكثر مما يليق برجولتك،

وأحببتك بالصمت

كما لم تحب امرأة في البوح.

ولو أن القبيلة سألتني يومها…

لقلت لهم:

كيف لا أحب رجلا

كان يحملني في دمه

حين لم أستطع أن أحمله في كلمتي؟


واليوم…

أعبر إليك عبر الزمن،

وأرسل حروفي لك كما لو كانت رسائل تحمل قلبي،

وأفتح قلبي على اتساعه كما يفتح الليل صدره للسيف.

لا خوف في الوصول…

ولا خوف في البقاء.


فحيث ينتهي كل شيء

يبدأ حبك.


حبيبتك… عبلة.

بقلمي عبير ال عبد الله 🇮🇶

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

نصف قرن وإرادة بقلم الراقية جهان إبراهيم

 نِصْفُ قَرْنٍ وَإِرَادَة  أَرَى الْخَمْسِينَ لَكِنْ لَسْتُ أَدْرِي أَيَأْسٌ فِي الْفُصُولِ أَمْ سُرُورُ؟ فَقَدْ مَرَّ الشِّتَاءُ وَالصَّيْف...