يا طائرَ الرُّوح
يا طائِراً
يَعْبُرُ الفَيافي كأنَّهُ
ظِلٌّ أَفْلَتَ مِن يَدِ الزَّمانِ،
ما زِلْتَ تُفَتِّشُ عن دِفءٍ
لَمْ يَخْلُقْهُ الصَّيْفُ،
ولا وَعَتْهُ خِيَمُ الرِّيحِ.
تَمْضي…
والغَيْمُ يُبَلِّلُ جَناحَيْكَ
كأنَّهُ يُذَكِّرُكَ
بِثِقْلِ ما حَمَلْتَ
مِن أُمْنِيّاتٍ
كانَتْ تُشْرِقُ
ثُمَّ تَنْطَفِئُ
بِلا صَوْتٍ.
اِحْذَرْ طَريقَ البَرِّ،
فَالخُطى فيهِ
أَقْرَبُ إلى الخُسوفِ
مِنها إلى الفَجْرِ،
والعِشْقُ في صَحْراءِ القُلوبِ
لا يَرْحَمُ
مَن تَأَخَّرَ عنِ الحِكْمَةِ
لَحْظَةً واحِدَةً.
تَعالَ…
اِشْرَبْ مِنْ غَديرِ أَمانيكَ،
وَاِسْتَلَّ ما تَبَقّى مِن شَوْقٍ
يُشيرُ إِلَيْكَ
كَإِصْبَعٍ ضائِعٍ
في عَتْمَةِ الغُرْبَةِ.
فالعُمْرُ
يُبَدِّدُ أَيّامَهُ
كَما تُبَدِّدُ الرِّيحُ رائِحَةَ
زَهْرَةٍ هَشَّةٍ،
ولا يَمْنَحُ السَّعادَةَ
إلّا لِمَن طارَ نَحْوَها
قَبْلَ أَنْ تُغْلِقَ أَبْوابَ الضَّوْءِ.
يا طائِرَ الرُّوحِ،
صَفِّقْ بِجَناحَيْكَ
لِلَّذي مَضى،
وَانْظُرْ لِلحاضِرِ
بِعَيْنٍ لا تَخافُ
أَنْ تَرى الحُفَرَ،
ولا تَتَرَدَّدُ
في عُبورِ النَّهْرِ.
قَلِّبْ صَفَحاتِكَ
كَما تُقَلِّبُ السَّحابَةُ
نَهارَها،
وَاُكْتُبْ آخِرَ سَطْرٍ
بِهُدوءٍ
لا يُشْبِهُ النَّدَمَ،
وبِصَوْتٍ
لا يُشْبِهُ الاِنْطِفاءَ.
فالسُّنونُ
تَذْوي…
ولكِنَّ القُلوبَ الَّتي تُؤمِنُ بالطَّيرانِ
لا تَسْقُطُ
وَلَوْ هَوَى الجَبَلُ.
ويا طائِرَ المَسافاتِ،
لا تُصْغِ كثيرًا لِوَعْدِ السُّرابِ،
فالأرْضُ تُجيدُ خِداعَ
مَن يَحْمِلُ قَلْبَهُ عارِيًا
كَقَطْرَةِ نَدى
تَبْحَثُ عَمَّنْ يَحْتَضِنُها.
سِرْ…
وَلَوْ كانَ الدَّرْبُ مُلْتَبِسًا،
فَفي كُلِّ غَيْمَةٍ
ظِلٌّ قَدْ يَهْديكَ،
وفي كُلِّ رِيحٍ
إشارَةٌ
لا يَفْقَهُها إلّا
مَن تَعَلَّمَ الإصْغاءَ
لِوَجْعِهِ
دونَ أَنْ يَنْهَزِمَ.
وَاُذْكُرْ
أَنَّ الطَّريقَ الَّذي يَخافُكَ
لَنْ يُفْتَحَ لَكَ،
أمّا الطَّريقُ الَّذي تَخافُهُ
فَهُوَ وَحْدَهُ
الَّذي يُغَيِّرُ
مَعْنَى العُمْرِ.
بقلم الشاعر
مؤيد نجم حنون طاهر
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .