الأحبة، عُشاق الحرف،
لطالما عهدتموني أُحَلِّقُ في فضاءِ "القصيدةِ الحرة"، حيثُ المعنى يختارُ موسيقاه، والسطرُ ينعتقُ من قيدِ الشطرين. ولكن، لطالما آمنتُ أنَّ الشاعرَ ابنُ التجربة، وأنَّ الأدبَ رحلةٌ لا تتوقفُ عندَ مرفأٍ واحد.
اليوم، خضتُ مغامرةً أدبيةً مختلفة، عدتُ فيها إلى الجذور، إلى صرامةِ "العمودي" وهيبةِ "البحر البسيط". حاولتُ أن أسكبَ حيرتي الوجودية بين العقل والقلب في قالبٍ موزونٍ ومقفى، لأختبرَ قدرةَ الوزنِ القديم على حملِ نبضنا الحديث.
أضعُ بين أيديكم تجربتي في الشعر العمودي بعنوان "بين نبضين".
هل ترون أنَّ روحي الشعرية بقيت كما هي في هذا الثوب الكلاسيكي؟ أنتظرُ آراءكم ونقدكم المحب.
بين نبضين
زياد دبور
يا قَلبُ ما لَكَ في الظَّلماءِ تَستَعِرُ،
والعَقلُ خَلفَكَ مَكدودٌ ويَنتَظِرُ؟
تَعدو كأنَّ طريقَ السيرِ مُشعلةٌ،
وأنتَ تَخشى لَظاها حينَ تَنفَجِرُ.
تَشتاقُ أفقًا بعيدًا كي تطيرَ بهِ،
تَهيمُ في ملكوتٍ ليسَ يَنحَصِرُ.
والعقلُ يجذبُ نحوَ الأرضِ في حذرٍ،
يخشى سماءً نِداها ليسَ يَنهَمِرُ.
إني تمزّقتُ… هل غيري يُمزِّقُهُ؟
داعٍ يُنادِي، وداعٍ عنهُ يَعتَذِرُ.
نصفٌ يُحلِّقُ مثل الطفلِ في فَرَحٍ،
ونصفُ وعيٍ على الأوهامِ يَنكَسِرُ.
كوَرقةٍ في مهبِّ الريحِ حائرةٍ:
هل تَتبعُ الريحَ أم في الجذرِ تَستَتِرُ؟
لكنني ها أنا الاثنانِ: قلبٌ خافِقٌ،
وعقلٌ صلبٌ على الأهواءِ يَنتَصِرُ.
ما نفعُ نبضٍ إذا ما غابَ رائدُهُ؟
أو نفعُ عقلٍ بَرْدُ الثَّلجِ يَعتَصِرُ؟
فالخيرُ يُولَدُ إن صاغَ القرارَ حِجَا،
من حكمةِ العقلِ تمليها ويَأتَمِرُ.
حتى يَذوبَ جليدُ الفكرِ في دَمِنا،
فَتَمزُجَ الحُلمَ بالذِّكرى وتَزدَهِرُ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .