مرافئ الغياب
يا راحلًا من نبضي،
كيف تركتَ الباب مواربًا للريح،
وأهديتني ليلًا طويلًا
يتعثّر في عتبات الذاكرة؟
فقدتُكَ…
لا كمن يفقد عابرًا،
بل كمن تسقط من يده آخر نجمة
وكان يظنّ أنّ السماء ملكُ يمينه.
يا من نكرتَ المعروف
وخبّأتَ وجهي خلف غبار النسيان،
كيف استطعتَ أن تطفئ ضوءك في عيوني
وتتركني أعدُّ جراح العهد
كأنني أعدُّ أيام عمري المتآكلة؟
ها أنا أركب سفينةً
مجهولةَ الدرب،
تسير بي بلا بوصلات،
بلا فكرةٍ عن شاطئ،
ولا حتى قشة نجاة.
تهزّني الأمواج
كأنها تسأل:
لمن تركتَ قلبك وهو ما زال ينادِي؟
أرمي ذكرياتي الجميلة
في هوّة الفناء،
أراها تتساقط… تتبعثر… تتلاشَى،
كأنها عمرٌ مستعمل
لم يعد يصلح للحياة.
وأُقضِي الوعود،
يا لثِقَلِ الوعود حين تخون أصحابها.
أُطفئ مواعيد اللقاء
كما يُطفئ المسافر قنديلًا
لم يعد يضيء غير رماده.
رحلتَ…
دون تمهيد،
دون ظلٍّ يودّع،
دون أثر.
ورحل الأمل معك،
وحلّ الألم في دمي
كضيفٍ يعرف الطريق
ولا ينوي المغادرة.
هيهات…
هيهات ينفع الندم؛
فمحرقة التاريخ
ستأخذ ثأرها
طال الزمن…
أو قَصُر.
وأنا،
في آخر الصفحة،
أكتب اسمك
ثم أمسحه…
لا لشيء،
إلا لأن قلبي
ما زال يتعلّم
فنّ النجاة من الغياب.
بقلمي الشاعر محمد علي الجزائري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .