أين صرختنا الأولى
كعادتي، أجلس أمام نافذتي،
أُسامر قهوتي وأُحادث الليل،
أخبره كيف ضاق صدري،
وكيف صارت الأخبار مقابر مفتوحة،
لا تُغلق أبداً.
في غزّة، أناس قُتِلوا مرتين؛
مرّة برصاص الغزاة…
ومرّة بصمت العرب.
وفي السودان، الأرواح تتناثر
كأوراق شتاء لا ينتهي،
ونحن ننظر بعيون مطفأة،
لا دمعة فيها، ولا صرخة.
وهنا، في بلدي،
تُسرق الأرض كما تُسرق الأحلام،
وتُنهب الخيرات، كأننا شعب بلا ظل.
وهناك، قرب بيت الله،
يُقام الرقص،
كأنهم يحتفلون فوق قلوب ما زالت تنبض تحت التراب.
نسوا حرمة بيت الله…
ونسينا أن أول العمر صرخة،
فما بال أصواتنا؟
كيف صمتت؟
أين صرختنا الأولى؟
أرفع وجعي عاليًا،
أبحث عن عدل ضاع،
عن رحمة اختنقت،
عن حق يركض هاربًا منذ سنوات…
نركض خلفه ولا نصل.
يتحدثون عن حقوق الإنسان،
وحقوق المرأة،
وحقوق الحيوان…
ونسوا أن تفجيرًا واحدًا
محا الكل:
بشرًا، حجرًا، شجرًا،
حتى النبات مات واقفًا
كشهيد لم يجد من يودعه.
يا ليل…
اشتعِل أكثر،
أشعل وجعي،
دع كلماتي تمرق كالشرر،
دع دموعي تصبح نارًا
تحرق هذا البؤس.
فإن كان الخذلان قدرًا،
فما أقساه من قدر…
أن تُطعن من يد تشبه يدك،
وأن تموت بلا قاتل،
بل بصمت الذين كان يجب أن يصرخوا…
فلم يصرخوا.
عبير ال عبد الله 🇮🇶