"تاجُ الخلود"
هَذا الزَمانُ وَمَجدي فيهِ مُلتَحِمُ
يَجري كَأَنّي نَبوءاتٌ وَمُلتَزِمُ
سَيِّدْتُ حَرفي، فَأضحى البَحرُ يَخشَعُ لي
والنَجمُ يَركَعُ إذ يَعلُو لهُ العَلَمُ
أَمشِي فَتَتَّبِعُ الآفاقُ خُطوَتَها
والأَرضُ تَرفَعُ مِن أَقدامي القَدَمُ
أَذرَيتُ في السَطرِ أنفاسًا مُهَيبَتَها
تُحيي المَوَاتَ، وَتَستنهِضُ مَا انحَطَمُوا
مَا أَرهَبَ الحَرفَ إِن أَلقَيتُ صَوتَهُ
يَهوِي الجَلالُ وَتَرتَجُّ اللُهَى وَالفَمُ
تَنهارُ أَبوابُ دَهرٍ كُنتُ أَطرُقُها
فَانفَلَّ عَن صَخرِها التَاريخُ وَانصَدَمُوا
يا مَجدُ، جِئتُكَ لا أَرضَى لَكَ سُدُفًا
إِنّي أَضَأتُكِ، وَالإِشراقُ مُلتَزِمُ
هَذي القَوافِي عُرُوشٌ لا يُدَنِّسُها
إِلّا المَلِيكُ إِذا أَدنَى لَها القَلَمُ
لا المَوتُ يَمحُو مَقاماتي وَلا عَدَمٌ
إِنّي بَنَيتُ عَلَى الآبادِ مَا رُسِمُوا
أَعلَنتُ حَربًا عَلى الصَمتِ الَّذي سَكَنَتْ
فيهِ القُلوبُ فَأَضحَى النَبضُ يَلتَهِمُ
سَلِّمتُ حَرفي لِخَيلِ الشِعرِ مُندَفِعًا
حَتّى تَسِيلَ عُيُونُ البَحرِ تَنهَدِمُ
أُسطورَةٌ نَسَجَتها الرُّوحُ في أَلقٍ
لَا يَحتَوِيهِ خَيَالٌ، لَا يَكُونُ لَهُ عِصَمُ
إِنّي تَوَجتُ مَعانيَّ الَّتي سَكَنَتْ
عَرشَ الخُلُودِ فَصَارت أَمرُهَا الحُكُمُ
مَا ضَعضَعَ العَزمُ فِي أَركانِ مَملَكَتِي
لَا الرَّدَى، لَا الرِّياحُ العَاتِيَاتُ لَهُمُ
أَنا الصَراطُ الَّذي يَخشَى سُلُوكَهُ مَن
غَاصَ فِي البُعدِ إِذ أَلقَتْ لَهُ الظُّلَمُ
أَشرَقتُ مِثلَ شُعاعِ البَرقِ فِي عُصُفٍ
حَتّى تَفَجَّرَ فِي أَركانِهِ الحُلُمُ
أَطلَقتُ مِن كَفِّيَ الأَسرارَ مُزهِرَةً
فَاستَوطَنَ النُّورُ أَرجاءً لَهَا قِيمُ
إِن كانَ فِي الخَلقِ مَن يَغتالُ مَرتَبَتِي
فَالنَّجمُ يَعلَمُ أَنِّي فَوقَهُ عَظَمُ
يا سائِلِي عَن مَآثِيري وَمَنزِلَتِي
هَذا السَما، فَأَنَا في أُفُقِهِ عَلَمُ
بقلم: ناصر صالح أبو عمر