بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025

نذر للعتمة بقلم الراقي شاكر الصالحي

 نُذِر للعتمة

لم يكن يعرف متى ابتدأ الطواف.

كان الليل موجودًا قبله، والسدنة في أماكنهم، يحرسون العتمة كأنها عهدٌ قديم.لم يرَ وجوههم قطّ، ولا سمع صوتًا منهم، لكنه كان يشعر بهم وهم يراقبونه من وراء السّواد، بأعينٍ لا تومض.لم يُخبره أحدٌ إن كان ينبغي أن يطوف، ولا كم من دورةٍ عليه أن يُكملها،لكنّه كان يدور... يدور كما لو أنّه نُذِر قبل أن يُولد، ودُفِع إلى الطواف في زمنٍ ليس زمنه.

في أولى لياليه، ظنّ أن الليل سينشق له إن بسط كفيه بصمت كافٍ.

وفي الليلة الثانية، جرّب أن يُخاتِل فتق تجلٍّ، أن يُراقب ما إن كان الحلم يخرج من شقّ في الجدار، كما يُدَسُّ الخيط الأول من ثقب في الحجاب.

وفي ثالثة لياليه، ظنّ أنه اقترب.رأى في العتمة ما يشبه الحدّ، كأنّ الليل يستعد ليقول شيئًا.فتقدّم... حتى بلغ السكون الأشدّ،ألقى قلبه في المدى، كما تُلقى يدٌ صامتةٌ بين يدي مَن يملك السرّ دون سؤال ودون شرط.

لكنّ السواد ظلّ كما هو، لا يكشف ولا يردّ.

عندها أدرك أن الليل أذكى من أن يُستدرج، وأعمق من أن يُجيب.

ومنذ تلك الليلة لم يعد يسأل . لقد تحوّل الطواف إلى ماهية، وتخلى عن كل ما قبله... لأنه نسي كيف يتوقّف.

شاكر الص

الحي

تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

هواجس بقلم الراقي سمير الزيات

 هواجس ــــــــــــ أَرَانِي وَقَــدْ هَــامَ الْفُــؤَادُ مُغَــرِّدًا         أَهِيــمُ وَحِـيدًا فَـوْقَ أَجْنِحَـةِ الْيَـأْسِ فَلا...