أَمَلٌ يَعْبُرُ العَاصِفَةَ
يا صَديقي…
لَيْسَ لَنا مِنَ الأَمَانِي
إِلَّا ما يَتَبَقّى في آخِرِ الرِّيحِ،
ما يَتَعَلَّقُ بِأَطْرافِ الرُّوحِ
كَطِفْلٍ يَخْشَى أَنْ يَسقُطَ
إِنْ تُرِكَ لِلوَحْدَةِ.
وَمَنْ يَحْمِلُ العَطاءَ،
يَعْرِفُ أَنَّ يَدَهُ
تُهَاجِمُها الأَشْواكُ أَوَّلًا،
وَأَنَّ الهِبَةَ جُرْحٌ جَمِيلٌ
لَا يُقَدَّمُ
إِلَّا بِالقَلْبِ كُلِّهِ.
فَالْعَطاءُ نُورٌ يَنْزِفُ
قَبْلَ أَنْ يُزْهِرَ
فِي صُدُورِ الآخَرِينَ.
كَمْ مِنْ مَسْكَنٍ
صَارَ خَرَابًا
حِينَ تَغَيَّرَ وَجْهُ القَدَرِ،
وَكَمْ مِنْ نَافِذَةٍ
أَغْلَقَتْهَا الرِّيحُ
قَبْلَ أَنْ نُغْلِقَهَا نَحْنُ،
وَكَمْ خُطُوَةٍ
سَقَطَتْ مِنَّا
لِأَنَّ الدَّهْرَ أَرَادَ
أَنْ يَخْتَبِرَ قُدْرَةَ أَرْوَاحِنَا
عَلَى الوُقُوفِ وَحْدَهَا.
يَا لِمَرَارَةِ الأَيَّامِ!
تَأْتِي كَالسَّمَاءِ إِذَا غَضِبَتْ،
تُمْطِرُ حُزْنًا
لَا يَتَوَقَّفُ،
وَتُرْسِلُ رِيَاحًا
تُشْبِهُ نَحِيبَ مَنْ
خَسِرَ الحَيَاةَ مَرَّتَيْنِ.
وَتَتَكَسَّرُ أَغْصَانُنَا،
فَنُخْفِي أَصْوَاتَنَا
فِي حُجُورِ الصَّمْتِ،
كَأَنَّنَا نَخْشَى
أَنْ يَسْمَعَ الدَّهْرُ
أَوْجَاعَنَا
فَيُضَاعِفَهَا.
وَمَعَ ذَلِكَ…
تَبْقَى المَحَبَّةُ
أَطْهَرَ مَا يَنْجُو مِنَ الإِنْسَانِ،
وَأَجْمَلَ مَا يَطْفُو
فَوْقَ مَاءِ القَلَقِ
حِينَ تَغْرَقُ السَّفِينَةُ.
وَالْوَحْشُ
لَا يُشْفِيهِ إِلَّا وَحْشٌ أَصْدَقُ مِنْهُ،
يُذَكِّرُهُ أَنَّ فِي قَلْبِهِ
ظِلًّا لِإِنْسَانٍ
لَمْ يَمُتْ بَعْدُ.
وَالعَدَالَةُ،
يَا رَفِيقَ الأَلَمِ،
هِيَ السَّفِينَةُ الأَخِيرَةُ
فِي بَحْرٍ عَاتٍ،
وَمَهْمَا ضَرَبَتْهَا الأَمْوَاجُ
فَإِنَّهَا تَعُودُ… وَتَعُودُ،
لِأَنَّ الأَمَلَ
أَقْوَى مِنْ كُلِّ رِيَاحِ الأَرْضِ.
وَإِنْ ضَاقَ بِكَ العَالَمُ يَوْمًا،
وَتَسَاوَتْ فِي عَيْنَيْكَ
الأَبْوَابُ المَفْتُوحَةُ
وَالأَبْوَابُ المُغْلَقَةُ،
فَتَذَكَّرْ أَنَّ القَلْبَ
لَا يُضَيِّعُهُ اللهُ
وَلَوْ ضَيَّعَهُ البَشَرُ.
تَذَكَّرْ
أَنَّ الدُّمُوعَ الَّتِي تَهْرُبُ فِي اللَّيْلِ
تَعُودُ صَبَاحًا
عَلَى هَيْئَةِ قُوَّةٍ،
وَأَنَّ كُلَّ جُرْحٍ
ظَنَّهُ المَوْتُ انتِصَارًا،
تَحَوَّلَ يَوْمًا
إِلَى ضَوْءٍ
أَمْكَنَكَ أَنْ تَمْشِيَ فِيهِ.
وَتَذَكَّرْ…
أَنَّ الحُزْنَ وَإِنْ طَالَ،
لَا يَسْرِقُكَ مِنْ نَفْسِكَ،
وَأَنَّ الإِنْسَانَ
يَبْقَى جَمِيلًا
مَا دَامَ قَادِرًا
عَلَى أَنْ يَقُولَ لِلْقَلْبِ:
قُمْ… فَالْعُمْرُ مَا زَالَ يَنْتَظِرُكَ.
بقلم الشاعر
مؤيد نجم حنون طاهر
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .