. في دروب الستين
. شعر رضوان الحزواني
بمناسبة التقاعد في
في دروب السّـتّين نــــاءَ الظّعيــــنُ
وَهَفــــا للظِّــــلال منّــــي الجبيــــنُ
وترامَــــتْ خلــــفَ الـــدّروبِ دروبٌ
لاهثــــاتٌ ، وَنازعتْـهــــا شُــــــــؤونُ
أنكرَتْنــــي _ لَـمّــا تبسّــــمْتُ _ ليلى
وَأشـاحَـــــتْ بوجهِهـــــا ميســـــونُ
فانطـــوى في فمي النّشيدُ وَجاشَتْ
في حنـايــايَ غُصَّــــــةٌ لا تَبيــــــــنُ
وَخَنَقْــــتُ اللّحونَ في حَلْقِ مزماري
- وناحــــتْ على الجــــراح اللّحـونُ
يا رعى الله فتـــيةً حيــــنَ كنّــــــــا
وَالأحاديــــثُ سُكّــــرٌ مَطحــــــــونُ
فارســــاً كنْــــتُ والمهــــارُ صِحـابي
وَالصّبـايــــــا نواضـــــرٌ وَفُتــــــــونُ
لا تَلُمْنــــي إذا ترَجّلْــــتُ كُرْهـــــــــاً
فَحِصــــاني مُضنىً وَقيدي ثخيــــنُ
إنْ تــــوكّأتُ لحظـــــــــةً رَمَقَتْــــني
نظــــراتٌ – وإنْ أمضَّـتْ - حَنــــونُ
إنّهــــا سُنّــــةُ الحيــــــــاةِ ، فَمــــاذا
يَتَرجّــــى مِــــنْ كفِّهــــا المسكيـــنُ
كمْ أطلّتْ بيــــضُ المنى من بعيــــدٍ
وتهــــادَتْ إليّ حُـــــــورٌ وعِيــــــــنُ
وَمَشَــيْنــــا وَضاحَكَتْنــــا أقــــــــاحٍ
وَتَغنّـــــى بِوَجْـدنـــــا حَسّــــــــــونُ
وَأفَقْنــــــا مِلءَ الجفــــونِ سَــــرابٌ
وَالصّبـابـــــاتُ خَيْبَـــــةٌ وَظُنــــــونُ
وإذا كلُّ ما غرســنــــاهُ أضْغــــــــاثُ
- أمــــانٍ مَصيــــرُهـــــــــــا أتّــــونُ
وَتَلاشَـــتْ أحلامُنـــــا الزُّهْــــرُ تَتْرى
وَتَوارَتْ طَيَّ الضَّبـــــابِ السَّــفيــــنُ
وَرَمى دونَنــــا التّقاعــــدُ أسْـدافــــاً
- ثِقــالاً ، وَارْتــــدَّ طَــــرْفٌ حَزيــــنُ
فَقَعدْنـــــا على الرّصيـــــف نُـــداري
ما تبقّــــى ، وَعَــــزّنا التّخمـيــــــــنُ
وَسَمِعْنـــــا للسّــابقيــــنَ شُــجونــــاً
فَاسْــتبــــدّتْ بِاللاّحقينَ الشُّـجـــونُ
لمْ نَطِـبْ أنْفُســــاً ؟ فَماذا سَمِعْنــا ؟
زَفَــراتٌ حَــــرّى وَجَيْــــبٌ ضَنيــــنُ
كَمْ بَذَلْنــــا وَنَحْســــبُ الشّوكَ يَنْدى
في يَدَيْنـــــا وَيَضْحـكُ النّســريــــنُ
وطلبْنــــا الحيــــاةَ دَرْبــــاً قَويمــــاً
فَذُبِحْنــــا صَبــــراً ، وَلا سِــــكّيــــنُ
كلّما قلتُ : " أنصِفونــــا " أشـــاروا :
أنْ تـأدّبْ ! أمَــــا أتــــاكَ اليقيــــنُ ؟
أوَ مــــا قُلْتُــــمْ بأنّــــا بُنــــــــــــاةٌ ؟
فلمــــاذا يزْوَرُّ عنّـــــــا الـمُعيــــنُ ؟
أبُنــاةٌ ؟ وَمــــا تبسَّــــــمَ وَعْــــــــدٌ
وَشمــــالٌ مَكبولَــــــــةٌ ويميــــــنُ ؟
اسألوني : مــــاذا مــلأتُ جِـــراري ؟
أهَبــــاءٌ كنوزُهــــــــا أمْ رنيــــــــنُ ؟
اســـألوني عَنِ الحصـــــادِ تجبْكــــمْ
راحــــةٌ أجْدَبَــــتْ ، وَقَلْبٌ حَزيــــنُ
ولَــــوَ انّي سَلَكْــــتُ دَربــــاً مريبــــاً
طِــــرْتُ في الجوِّ واجتَلَتْني العيونُ
ربّمــــا صِــــرتُ كوكبــــاً أوْ شِهابــــاً
أوِ أمـيــــراً فِراشُــــهُ الياسميــــــــنُ
رُبّمــــا كانَ لي قصــــورٌ وَجَــــــــاهٌ
ربّمــــا صــــارَ حاســــدي " قارونُ "
ربّمــــا . . ربّمــــا وَصَلْـــتُ سَريعــــاً
لبــــلادٍ مــــا يمّـــمــــتْهــــا سَفيــــنُ
بل تجشّمــــتُ حِرفةَ الفقرِ إخلاصــاً
- وَلِلفَقْــــرِ مخلـــــبٌ مَلْعــــــــــــونُ
كنْــــــــتُ نَــــذْراً لوالــــدي أتَــــولّى
حَــــرَمَ العِلْــــم ناســــكاً لا يخــــونُ
طيّــــبَ الله قَبْــــرَهُ ،غَــــرَسَ الوردَ
- فأدمــــاني شــوكُــــهُ المســنــــونُ
شـــــاءَ لي مهنــــةَ احْتــــراقٍ وَصَبْرٍ
وَطَريقــــاً مَـــداهُ صَخْــــرٌ وَطيــــنُ
ظنّهــــا غايَــــةَ الوجاهــــةِ والعــــزِّ
- جنــاهــــا اللّذيــــذُ لَــــوزٌ وَتيــــنُ
كنتُ بَــــرّاً ، وَفَيْــــتُ ما كانَ يَهْـوى
وَمَضَيْنـــــا ، وَغَــــرّنــــا ما يكــــونُ
هَلْ دَرى عَنْ تِجـــارتي كيفَ باءتْ ؟
كَمْ أميــــنٍ في كــــدّهِ مَغْبــــــــــونُ
أكلَتْ سُنْبُلــــي حُــــروفٌ عِجــــافٌ
والقراطيـسُ أغرقتْهــــا الدّيـــــــونُ
وإذا ما أغــــوى خيــــالي " أبولّو "
خَذَلَتْـني على الرّبــــابِ اللّحـــــــونُ
فأخــــو الجهلٍ كلَّ عصــــرٍ يُمـــاري
ألَقَ الشّمــــسِ ، وَالضّــلالات ديْــــنُ
غيــــرَ أنّي حفظْــــتُ نــــورَ جبيني
انظروا النّجــــم ، فيهِ ضاءَ الجبيــنُ
( ( (
هــــم يقولــــون : ما تَـــزالُ فَتيّــــاً
قامَــــةٌ سَمْــهَــــرٌ وَخَطْــــوٌ رَزيــــنُ
لم تــــزلْ تعبــــرُ الدّروبَ رَشيــقــــاً
وَيحيّيــــكَ بُلبــــلٌ وَسُــــنــــونــــو
والنّدامى - نِعــــم النّدامى - يــــراعٌ
و كتــــابٌ ، هما الصديــــقُ الأمــينُ
ربمــــا أنصفــــوا كفاحي وواسَوْني
- وقالوا : هُــــوَ اللّبيــــبُ المكيــــنُ
قَدْ أجــــادَ التّدريسَ عِلمــــاً وَفنّــــاً
فَاسْتقــــامَ المنهــــاجُ والتّلقــــيــــنُ
لوحُــــهُ - لوْ تــــرَوْنَ - فــــنٌّ رفيـــعٌ
فرســــومٌ جَــــذلى وَخَــــطٌّ مُبيـــنُ
فَتَنَتْــــهُ أمُّ اللُّغــــاتِ فأصْفــــاهــــا
- وِداداً ، وَالصّعــــبُ فيهـــا يهــــونُ
هِــــيَ - والله - عنــــدَهُ كُلُّ شــــيءٍ
طــــابَ فيهــــا البيــــانُ والتبييــــنُ
مَنْ سِواها لِوحدةِ العُــــرْبِ يُرجى ؟
كُلُّ بــــابٍ لغيرهــــــــا مرهــــــــونُ
غــــاصَ في بحــــرهــــا ، فعادَ غنيّاً
ملءُ كفّيْــــهِ لــــؤلــــؤٌ مكنــــــــونُ
والكتــــابُ الكريــــمُ صانَ سَناهــــا
وَلَكَــــمْ ضيّعَــــتْ لغــــاتٍ قُــــرونُ
( ( (
سيـقولون صــــاغَ جيــــلاً فجيــــلاً
وَعَلى الشّمـــــسِ وَسْمُــــهُ الميمـونُ
سَيقولون مــــا يُسِـــــرُّ ..وَيا لَيْــــتَ
- " يقولــــون " بيـــــدرٌ مضمــــــونُ
كيفَ أشــــكو وما تشــكّى رســــولٌ
عَـــزّ في قومِــــهِ النّصــيرُ الأميــــنُ
قومُــــهُ أعرضــــوا فَــــزادَ يقينــــاً
وتمــــادَوْا وما ثنتْــــهُ الفُتــــــــونُ
هكـــذا العمـــــرُ تضحيـاتٌ وغَبْـــــنٌ
بــــــاذلُ الــــرُّوحِ دائمــــاً مَغبــــونُ
شِرعةُ المجـــدِ أنْ تناضلَ في المجدِ
- وَيَمضي مَـــــعَ الشِّـراعِ السّـفيــــنُ
( ( (
أزِفَ البَيْـــــنُ ، لا تقولــوا : وداعــــاً
كيفَ تَنْــــأى عَنِ مُقلتَيْها الجفــــونُ
قَــــدْ تركْنــــا أمانــــةً في يدَيْكــــم
وَنِعِــــمّـــــا مُــــــــورَّثٌ مأمــــــــونُ
قَدْ تَرَكْنــــا أكبادَنــــا فَاحْفظــوهــــا
- ما سواها – واللهِ – كنـزٌ ثميـــــنُ
هـــمْ بنُونــــا على اختلافِ طِبــــاعٍ
وَعَلَى مِثْلهـمْ تُشــــــادُ الحصـــــونُ
زَهَــــراتُ الآمــــالِ ، إنْ لم نَصُنْهــــا
مِنْ رياحِ السَّـموم مَنْـــذا يصـــونُ ؟
فاحفظــــوا العهدَ والعهـــودُ تِبــــاعٌ
فقطيــــنٌ يمضي ويــــأتي قطيــــنُ
تذهبُ الرسْــــلُ وَالرّســــالاتُ تبقى
" ولهــــا اللهُ حافــــظٌ وأميــــــــنُ "
(
. بقلمي رضوان الحزواني
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الثلاثاء، 18 يناير 2022
في دروب الستين بقلم الشاعر الأديب د. رضوان الحزواني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
القصيدة بقلم الراقي أدهم النمريني
القصيدة "إنَّ القوافي جيـادٌ ليسَ تبلغها إلّا اذا عُقـِدَتْ فيهـا نواصيهــا" كن أنتَ في ساحةِ الأشعارِ فارسها كي تبلغَ ...
-
مجرّةٌ في العلياءِ: متأنِّقةٌ غصونُ الوردِ لحُلَّتِكَ لابِسة وبوُجدِ عبيرِكِ مرحٌ يترامى المَدى مِحبرةُ الشَّذا بفيضِ حُسنِكِ شَامِسة وي...
-
-- عِتابُ العِتاب -- عتاب العتاب مِنّا لكم ياأهل المحبة والسلام ياساكن الفـؤاد رأفـة لا ت...
-
( سئمنا البوح ) لَكَ الأَيَّــام كَـمْ عَـانَيْـت صَـبْرا وَصَـبْر الشَّـوْق مَبْسِـمهُ كَـئِيب وَمِنْ عَيْنِيِّكَ سَهْم صَاب صَدْرا وَ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .