**وشاحُ الليل وطيفكِ البعيد**
دعوتُ الليلَ أنْ يَأتيني بعينيكِ،
لَكِنَّهُ لمْ يُجِبْ،
بَلْ أَلْقَى حَوْلِي وِشَاحاً مِنَ الظَّلَامِ،
فَانْطَلَقْتُ أُلاحِقُ طَيْفَكِ بَيْنَ النُّجُومِ،
أَزْرَعُ في دُرُوبِ الغِيَابِ خُطُواتِي الجَرِيحَةَ،
وَأَسْأَلُ القَمَرَ عَنْكِ،
فَيَصْمُتُ كَأَنَّهُ يَخْشَى البَوْحَ.
أَيْنَ أَنْتِ، يَا مَن عَلَّمْتِ القَلْبَ
كَيْفَ يُغْزِلُ مِنَ الحَنِينِ أَجْنِحَةً لِلطَّيَرَانِ؟
يَا مَن كُنْتِ نَبْعَ الأَمَانِ،
وَأُغْنِيَةً تُعَانِقُ نَبْضِي،
كُلَّمَا غَفَوْتُ عَلَى وِسَادَةِ الشَّوْقِ.
أَرَاكِ في مِرْآةِ المَطَرِ
حِينَ تَنْهَمِرُ القَطَرَاتُ كَرَسَائِلَ مُخَبَّأَةٍ،
وَفِي ارْتِعَاشِ وَرَقَةٍ
تُحَكِي أَسْرَارَ الرِّيَاحِ لِقَلْبِي.
يَا امْرَأَةً وَشَمَتْ مَلَامِحَهَا عَلَى دَفْتَرِ أَيَّامِي،
مَلَأْتِ الفُصُولَ بِالعِشْقِ،
وَنَسَجْتِ مِنَ الغِيَابِ حِكَايَاتٍ خَالِدَةً.
مَتَى تَجُودِينَ بِوَجْهِكِ عَلَى نَافِذَتِي؟
أَمْ سَأَبْقَى رَهِينَ حُلْمٍ يُوقِظُنِي
عَلَى غُرْبَةٍ لَا تَعْرِفُ لِلرَّحِيلِ طَرِيقاً؟
يَا غَائِبَةً في ضَوْءِ القَمَرِ،
وَمَخْبُوءَةً في لَحْنٍ يَرْقُصُ عَلَى أَوْتَارِ المَطَرِ،
عُودِي،
فَإِنِّي أَبْحَثُ عَنْكِ في كُلِّ شَيْءٍ حَيٍّ،
وَالشَّوْقُ نَارٌ تُذِيبُ مَلَامِحِي.
لَيْتَكِ تَهْمِسِينَ بِاسْمِي في طَيَّاتِ اللَّيْلِ،
وَتَأْتِينَ عَلَى جَنَاحِ الحُبِّ إِلَى قَلْبِي،
لِنَعُودَ كَمَا كُنَّا:
نَغْزِلُ مِنَ الأَحْلَامِ أَجْنِحَةً
نُحَلِّقُ بِهَا فَوْقَ السَّحَابِ،
نَرْسُمُ لِلزَّمَانِ وُجُوهاً جَدِيدَةً،
وَنُعِيدُ كِتَابَةَ الفَرَحِ
عَلَى صَفَحَاتٍ كَانَتْ تَبْكِي الغِيَابَ.
يَا زَهْرَةً في بُسْتَانِ الرُّوحِ،
لَا تَذْبُلِينَ،
وَلَا تَتْرُكِينِي أُبْحِرُ وَحْدِي
فِي مُحِيطٍ يَسْكُنُهُ الظَّلَامُ.
عُودِي،
فَأَنْتِ النُّورُ الَّذِي يُبَدِّدُ عُتْمَتِي،
وَأَنْتِ الحُلْمُ الَّذِي يَجْعَلُ الحَيَاةَ
أُغْنِيَةً لَا تَنْتَهِي.
--------------------
- الأثوري محمد عبدالمجيد. 3/12/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .