بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 ديسمبر 2024

فاتورة العمر بقلم الراقية ليلى كو

 فاتورة العمر


أجلس بين ثنايا الأيام مع نهاية كل عام، أتأمل في دقائق مضت، في لحظات تسرّبت من بين يدي دون أن أشعر. أقدّم لنفسي جردًا للفصول، وأوراقًا لقلوبٍ مرّت، وأسماءٍ تراقصت بين الذاكرة والريح. ماذا أضافت لي هذه السنة؟ أم ماذا أخذت مني؟ ماذا تخلّف خلفه الزمن من دراما كنت بطلتها؟


إنها استراحة محارب، حيث تلتقي الأفكار، وتهدأ الحواس، وتستقر الروح في محاولة لاستكشاف مسار العام. أراقب المشهد بصمت، كأنني أتابع سحبًا تتناثر على خشبة المسرح، كل لحظة منها تحمل حكاية جديدة، وكل غياب يحمل في طياته دروسًا.


أقرّر أن أضع في صندوقٍ صغير، أنيق، ما تبقى من الألم، من الجراح، من اللحظات التي عشت فيها الغربة عن نفسي، عن وطني، وعن الفرح الذي مرّ بين يديّ كسراب. أتأمل تلك الصور القديمة في ذاك الصندوق، تلتف حولها ذكرياتك، تشرق بابتسامة خفيفة على شفتيك، كما لو أنك لا تزال تقتحم مخيلتي بلا استئذان.


لكن لا تدع دروسك المؤلمة تعود إلى هناك. لا تتركها في الزمان، فقد كانت مؤلمة بما فيه الكفاية. خذ أحلامك التي تنفستُها بعمق، تلك التي كنت أؤمن بها بشغف. احملها معك في قلبك، وضعها في صندوقك، واغلقه بإحكام. اتركه ينطلق نحو السماء، مع وعد بنسخة أفضل من الحياة القادمة.


نسخة من نفسك الجديدة، أجمل، أرقى، وأوسع صدرًا لتستقبل ما يأتي. أجعلني في كل مرة أسقط فيها، أقوى وأكثر صلابة، واجعل عامنا الجديد ملونًا بالأمل، أعماقًا، جمالًا، وسلامًا لا ينتهي. أودع فيه عطر الفرح، وعطر الأمل، كما يزرع الربيع بين الجبال.


فواتير العمر تأتي دائمًا بسرعة أكبر مما نتوقع. فلتتذكر دائمًا أن تخرج من على خشبة المسرح بين الحين والآخر، لتقيم ما مضى قبل أن يسدل الستار.


((ليلى كو ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

الرسالة بقلم الراقية كريمة أحمد الأخضري/شفاء الروح/

 👈🏻الجزء الثاني من القصة القصيرة: ____________ ✨الرسالة ✨  لم تأبه لوحدتي أغلب الأوقات ، ولم ترحم دمعتي التي كانت رفيقي معظم الأحيان. شكوت...