"في مهبّ الريح"/ مجيدة محمدي
في فجوة الغياب، تتمايل القافلة بلا جهة.
خطى تتشابه، لكنها ليست واحدة.
صدى الأحذية الخشبية يُنسَج في الهواء،
كأنما الطرقات تخبئ أسرارها في صدور الصخور.
أيها الراحلون،
ما الذي تحملونه في قلوبكم؟
خرائط ممزقة؟ أم وجوهًا منسية في مرايا الليل؟
كل مسافر هو خريطة مقلوبة،
كل خطوة هي احتمال أن يكون العالم مختلفًا قليلاً.
السماء سقفٌ لا يشيخ،
لكن النجوم تُطفئ نورها عندما نحدق فيها طويلًا.
هل تبحثون عن النور أم عن ظله؟
عن البيت أم عن الشوق الذي يحيط به؟
الرياح تتحدث بلغةٍ لا نفهمها،
لكنها تدفعنا رغم ذلك،
كأننا أوراقٌ خفيفة في كتاب الزمن.
والرمل يغني، أغنية خرساء،
حيث تترك الأقدام أثراً هشًا،
أثرًا يختفي قبل أن نلتفت إليه.
في الطريق،
تتبدل وجوه الأحلام،
تصبح أكبر من حقيبتنا الصغيرة.
نحملها معنا، نحاول طيّها،
لكنها تمتد كظلّ لا نهائي.
أيها الراحلون،
ماذا وجدتم خلف الجبال؟
هل كان الأفق نقطة أم سؤالًا؟
هل كانت الحقيقة بحيرة ساكنة،
أم موجة تبتلع من يقترب منها؟
الرحلة ليست خطًا مستقيمًا،
إنها دائرة تلتف حول نفسها،
تبدأ من الداخل، وتنتهي في الداخل.
وأنت، أيها المرتحل،
ماذا تبقى منك؟
هل أنت أنت، أم أنك ظلٌ لمن كنت تحلم أن تكونه؟
الطريق لا يعرفنا،
لكننا نُصبحه، خطوةً بعد خطوة،
ونذوب فيه كما يذوب السراب في عين العطشى.
لا الوصول غاية،
ولا البداية بيت.
كل ما بينهما صمتٌ طويلٌ،
ينساب كخيط من الدخان.
أيها المسافرون بلا حقائب،
هلا توقفتم للحظة؟
هلا سألتم الطريق عن اسمه؟
ربما، فقط ربما،
يُجيب عليكم الحجر الساكن،
أو الغيمة العالقة في الأفق،
أو قلبكم الذي نسيتموه خلفكم ذات مساء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .