وعد الحب
في زحمةِ الأيام، حين تتنازعنا الطرقاتُ وتُرهقنا الوجوه، يبقى للحب وعدٌ لا ينكسر... وعدٌ يشبهُ نسمةً تُداعبُ وجهَ الصباح، أو قَطراتِ مطرٍ تُفتّحُ الأزهارَ بعد طولِ جدب. الحب ليس عاطفةً عابرة، بل هو عهْدٌ تُودِعهُ الأرواحُ في صدورٍ تعرفُ معنى الوفاء.
أُحبك... لا لأنك تملأ فراغي، بل لأنك الحضورُ الذي يسبقُ كلَّ غياب. أُحبك لأنك الوجهُ الذي أبحثُ عنهُ حين تتكاثرُ الظلالُ حولي، ولأنك اليدُ التي أستشعرُ دفئها ولو كنتَ بعيدًا آلاف الأميال. أنتَ الوعدُ الذي أعيشهُ في كلِّ لحظة، واليقينُ الذي لا تهزّهُ ريحٌ ولا تُطفئهُ عاصفة.
فيك اكتشفتُ أنَّ الحب ليس كلماتٍ تُقال، بل هو صبرٌ طويل، واحتضانٌ عند الانكسار، وابتسامةٌ تُبدّدُ غُيومَ القلب. فيك فهمتُ أنَّ الروحَ لا تُزهرُ إلّا حين تجدُ من يُشبهها، وأنَّ العُمر مهما طال لا يَساوي شيئًا إذا لم يسكُنْهُ حبيبٌ يمنحهُ المعنى.
وعدي لكَ أن أكونَ وطنًا في الغياب، وسكنًا في التعب، وسماءً تظلُّك إذا أثقلكَ نهار. ووعدي لك أن أزرعَ بين خطواتك أزهارًا لا تذبل، وأن أكتبَ اسمك على صفحاتِ العمر فلا يُمحى مهما تغيَّرَت الفصول.
سأظلُّ أُحبك... كالنهرِ الذي لا يملُّ من المضيِّ نحو البحر، كالشمسِ التي تُشرقُ رغم الغيوم، كالقمرِ الذي يَحضرُ مهما طال الليل. سأظلُّ أُحبك لأنَّ قلبي ما تعلّم لغةً سوى لغتك، وما عرفَ من الطُرق سوى الطريق إليك.
الحب وعد... وأنا على عهدي باقية، لا أخون، لا أنسى، لا أتراجع. وسأظلُّ أكتبك كما تُكتبُ القصائد، وأذكرك كما يُذكَرُ الدعاء في السَّحر، وأنتظرك كما ينتظرُ الربيعُ انفتاح الزهور.
فإن ضاقت بنا الدنيا، فليكن حبّنا أوسع منها، وإن ثقلت علينا الأيام، فليكن وعدُنا أخفّ من كلِّ ألم. وإن ابتعدنا يومًا، فليكن الشوقُ جسرًا يُعيدنا، فلا يخذلنا القلب ولا ينسى العهد.
هذا هو وعدي، ووعد الحب لا يُشبه أيَّ وعد... لأنه يُكتَبُ بالحبرِ الأزلي، ويُوقَّعُ بالنبض، ويُحفَظُ في القلب إلى الأبد.
ب
قلم رانيا عبدالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .