سارق الوقت
( الهاتف الذكي)
أظنُّ بأنَّهُ زَمَنٌ عجيبٌ
نجاحُ العلمِ ليس لهُ نَظيرٌ
فقد ظَهرَتْ هواتفُ في أيادٍ
مُجهّزةٌ مُطوَّرةٌ تُنيرُ
تُسَجّلُ أو تُصَوِّرُ في رُقِيٍ
تُحَدِّثُ أو تُهاتِفُ أو تُديرُ
تُصَاحِبُ خِلَّها سَفَراً وحِلاً
وتُؤنِسُهُ إذا عَظُمَ المَسيرُ
و صار جهازُنا قَدَراً وصِرنا
نجالِسُهُ إذا فُقِدَ السَّميرُ
نُفَضّلُهُ على أكلٍ و شُربٍ
و لستُ مُبالِغاً فهو الأميرُ
فُؤادُ العاشقينَ يهيمُ عِشقاً
يكاد العقلُ مِن عَجَبٍ يَطيرُ
حَديثُ العصرِ نَعرِفُهُ جميعاً
فما سَلِمَ الصَّغيرُ ولا الكبيرُ
وأصبحُ أمرُهُ عَجَباً عُجاباً
توابِعُهُ لها أَثَرٌ خطيرٌ
صَغيرٌ مِثلُ كَفِّ اليدِّ أضحَى
رفيقاً إنَّهُ عَجَبٌ مُثيرٌ
جهازٌ لا يُفارِقُنا بَتاتاً
يُرافِقُنا و إنْ قُصِدَ السَّريرُ
و ننظُرُ نَحوَ شاشَتِهِ كَثيراً
يهيمُ به غَنِيٌّ أو فَقيرٌ
و يسرقُ عُمرَنَا شيئاً فشيئاً
و ما نَدْري إذا حضرَ المَصيرُ
فقد تَرَكَ الشَّغوفُ بهِ أُموراً
تَضيعُ بتركِها فُرَصٌ كَثيرٌ
و أهملَ بَعضُنا فَرضَاً عليهِ
فما نفعَ التَّناصُحُ و النَّذيرُ
أماتَ القلبَ وانْطفَأَتْ عيونٌ
و آذانٌ بها أثرٌ ضريرٌ
وكم هَدَمَ البيوتَ و ساكِنيها
فَمَا رَبِحَ الطليقُ ولا الأسيرُ
و قد قَطعَ التّواصُلَ عن أُناسٍ
و عاشِقُهُ بلا رَيبٍ خَسيرٌ
و نَعلَمُ أنَّهُ قَد جَرَّ نَفْعاً
نُقِرُّ بأنَّهُ خيرٌ وَفيرٌ
و حاملُهُ مُخيَّرُ في هواهُ
بخيرٍ أو بِشرٍّ يَسْتَخيرُ
أقولُ لمَنْ تَعَلَّقَ في هواهُ
يطيبُ العيشُ ما صلُحَ الضميرُ
خالد إسماعيل عطاالله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .