البعيد بعيد بقلم الراقي صالح أبو عاصي

 البعيدُ بعيدُ... 

شِبنا ولم يزل الزمان جديدُ

        ومضى الذي يأسى لهُ التجديدُ

أبلتْ صروفُ الدهرِ حتى جلودنا

          لم يبقَ فينا مُساعدٌ وسعيدُ

والريحُ تأكلُ من نُوى أحداقنا

         وسبى معالمَ حسننا التفريدُِ

ها قد كبرنا و الزمانُ يلوكنا

        من ضرسهِ يتصدّعُ القرميدُ

بالامسِ كُنّا صوادحاً نلهو بها

         والقفزُ فيها ويكثرُ التغريدُ

بالأمس كُنّا مغازلا لاتنته

        من غزلها ولغزلِنا التمجيدُ

بالامسِ كُنّا نملأُ الدنيا صدى

        اليومُ يملأ صوتنا التنهيدُ

هي دورةُ الأيام ِ إن قالت أنا

         أو أوعدتْ يتأهّبُ الموعودُ

والليلُ يأتي شائكًا مُتشابكًا

         فتحطّمُ الحالَ الليالي السودُ

نمشي مع الأيام دونَ خيارنا

         اليومُ جسرٌ والقلوبُ تميدُ

قد كان في حُلمِ الطفولةِ مشهدٌ

        ما كانَ فيهِ نهارنا المشهودُ

ما كانَ ترْبُ الأرضِ يفنى لعابرٍ

        بل نحنُ نفنى والترابُ وليدُ

منذُ الولادةِ نحنُ نمشي وراءها

        ونظلُّ نمشي والبعيدُ بعيدُ

إن أسرعَ الزمنُ بنا قلنا لِما

         ونريدُ نحنُ الزمانُ يريدُ

صالح ابو عاصي