بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 يناير 2025

لقاء كالقدر بقلم الراقي زياد دبور

لقاء كالقدر
زياد دبور *

جاءت...
كما تأتي القصائد دون موعد،
كما يزهر الربيع في قلب الشجر،
وكأنها حلمٌ سقط فجأة
من سماءٍ لا تنتهي،
في جمال شارعٍ جبلي
يحفظ أسرار العشقِ.

عيناها...
بحران من العسل المُصفّى،
تغرق فيها كل السفن
تولد فيها روابي الدهشةِ،
كأن الله رسم فيهما
كل أسرار الجمال،
وترك فيهما تعويذة
تُسقط العقل من برجهِ.

شفتاها...
وردتان من حدائق بابل،
تقطران شهداً مسكراً
وفتنةً لا تعرف الحدود،
تسجنان الحب
في همسةٍ واحدة،
تجعل من الصمت
لغةً فاضحةً للروح.

صوتها...
أوتارٌ إلهية
على صفحة القمر،
أغنيةٌ سرمدية
تعزفها الرياح كل مساء،
وترقص على إيقاعها
نجوم الليل،
في حين تنام الشمس
على كتف الجبال.

خطواتها...
رقصةُ طاووسٍ متمرد،
يرسم بريشاته وهج الزمان
ويكسر قوانين الصمت،
يجعل الجبال خفيفةً كريشةٍ
تعانق السحاب،
حيث الحب وحده
يكتب قوانين الحياة.

عطرها...
يمشط جدائل الريح،
يسافر في شراييني كالخدر،
ويوقظ في داخلي عوالم من الحنين،
كأنه صلاةٌ قديمة
تحفظها الروح.

أحببتها...
في لحظةٍ خاطفة كالبرق،
لحظةٍ تناسلت
في رحم الأبد،
كأنني عرفتها
قبل خلق الزمان،
وكأن كل نساء الأرض
كنَّ تمريناً للوصول إليها.

تركتني...
أبحث عن ظلّها في المرايا،
عن صدى ضحكتها في المطر،
عن همسها المُخبأ
في أجنحة الطيور المهاجرة.
غابت... لكنها في كل مكان،
رحلت... لكنها لم تغادر،
وأنا ألملم روحي
من أقداح الندى المنسية
على أكتاف الفجر.

أكتب عنها...
كل مساءٍ قصيدة
تحترق على شفتي كالجمر.
أسأل عنها النجوم،
الصخور العتيقة،
الينابيع المسكونة بالذكريات،
وطيور الليل،
كأنني أبحث عن وطن
ضاع في غموض الأقدار،
في جبلٍ يغزل من ضبابه
وشاحاً للغياب.

وكلما...
مرّت امرأة تشبهها،
اشتعل الشوق في بصري
وغاص قلبي في دوامة الانتظار.
أحفر في الذاكرة
عن تفاصيل وجهها،
وأكتشف أن الحب
حقيقة تتجاوز النسيان.

هي امرأة...
جاءت كالقدر،
خطّت في روحي نقشاً لا يزول،
ومضت... كالقدر.
لكنها بقيت داخلي
قدرًا لا يرحل،
وقصيدةً لا تنتهي،
تكتبني كل يوم من جديد.

وعلَّمتني...
أن الجمال
هو أن نبقى ناقصين لنكتمل في الحب،
وأن الحب لا يكتمل
إلا حين نكتبه بالألم،
ونعيده بالحلم.

*. © زياد دبور ٢٠٢٥
جميع الحقوق محفوظة للشاعر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

سألت الله. يمنحني سلاما بقلم الراقي عبد الكريم نعسان

 *( سألتُ الله يمنحني سلاماً)* سألتُ اللهَ يمنحُني سلاما لأزرعَ رملَ صحرائي خزامى  وأطعمَ كلَّ مسكينٍ بقربي وأسعى نحو أطفالٍ يتامى  أكفكفُ ...