بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يناير 2025

على قيد الحياة بقلم الراقية نور الفجر

 على قيد حياة 


سراج وزهور غرفة منعزلة وهدوء، على الأريكة تلك القديمة ألقت بجسمها النحيل ونظرت للجدار وحدقت في تلك الصورة، نزلت دمعة حرَّة على خديها وامتطت سفينة الخيال...

هنا كان يجلس قربي وبيديه الناعمة يمسح دموعي ويهمس في أذني:

"غدا بإذن الله أجمل وأروع، غدا يا حبيبتي ستتفتح ورود حديقتنا وسننعم بعطرها، غدا يا حبيبتي سيمُنُّ علينا الرحمن بما تنتظرين من زمان ، لا يأس مع الحياة غالية ، انظري هناك ، إلى النافذة، ألا ترين النور يشع من خلالها ؟ إنه نور الله يهديه لمن يشاء ومتى يشاء ، فلا تتعجلي وانتظري قريبا ، سنفرح بإذن الله ..."

ردد تلك الكلمات أياما ، ولياليا ، و شهورا ...

ثم كان لنا ما انتظرناه طويلا ، رزقت بطفلة كالقمر تشع نورا وجمالا ، طار عقلي بها ، سهرت الليالي أرعاها وأعتني بها ؛ كبرت " منية "اخترت لها ذلك الاسم لأنها كانت أمنية ترقبتها طويلا ، وأصبحت صبية ، كل العيون ترقبها وتتمنى أن القرب منها ، الكل يحبها ويحترمها.وذات يوم ، أصرت منية على 

مصاحبة والدها لزيارة بعض الأقارب وحضور حفل زفاف لهم ، كنت حينها مريضة ولم أقدر أن أكون معهم ...

خرجت منية بعدما لبست أروع فستان وتجملت بأرقى ما عندها من حلي وتطيبت بعطر فرنسي فاخر ، وبدت كما العروس في ليلة عرسها ، قبلتني أروع قبلة ، لا زلت أحس بها ، وأقوى حضن لن أنساه أبدا ، ثم خرجت مع والدها ، خرجت ولم تعد ، لا هي ولا والدها ...

حادث رهيب ، حين العودة من حفل الزفاف ، وفي مفترق السكة الحديدية ، وبسبب غلط ارتكبته تلك الشركة ، إذ تأخرت ولم تصلح الأضواء و الحاجز صدم القطار الملعون السيارة  

مات رفيق العمر وفلذة الكبد في لحظة واحدة ومت أنا بقية عمري ...

في الخارج برد قارس ورياح شديدة هزّت أركان جسمي ، زخات مطرٍ تطرق زجاج نافذتي كالمسامير 

قلبي صارجمرة مشتعلة ، ما الخطب يا ترى؟

سؤال تغلغل أزعجني وتغلغل داخلي ، أصبت بالحيرة والخوف تمسك بي ، عقارب الزمن توقفت ، نهضَت من مكاني كما لو لسعتني عقرب ، وبقيت أفكاري بين مد وجزر ، تارة أتفاءل وأخرى أتشاءم وفجأة دق جرس البيت ، أسرعت لاستقبال حبيبتي ، ويا هول ما سمعت ، لقد فقد عقلي وشلت أطراف لهول الكارثة وفقدت الوعي 

واستغرقتْ في غيبوبتي لأيام وظللت أهذي باسمها تارة واسمه أخرى ...

وذات صباح وبعد مرور عدة أيام ،ومع الشمس ،

لملمتُ ما بقيَ مني ، ومن بعض أجزائي ورحت المقبرة ، كان أول لقاء لي معهم بعد ذلك اليوم المشؤوم ...

في مثل هذا اليوم فقدت روحي لكنني مازلت على قيد حياة .


#نورالفجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

غزة الجرح الغائر بقلم الراقي احمد محمد حشالفية

 "غزة" الجرح الغائر الظلم باد للعيان ونخاله مأزق غابت الحلول التي عنها نتفق الأمر فعلا باهت ولا يستحق كأن تقول :"للطفل العربي...