ما رأيك أن أفتح باب منزلك بالقوة، أدخل دون استئذان، أمزق صمت الجدران، وألقي برائحة البارود في زوايا غرفك؟
ما رأيك أن أقسم بيتك نصفين؟
غرفة تحضن أحلام أطفالك، وغرفة أخرى تحاصرها عيون زوجتك، ثم أغلق الأبواب بالمفاتيح الثقيلة، وأمنع الهواء من المرور بينهما.
ما رأيك أن أتحكم بمفاتيح حياتك؟
أوزع عليك الماء كما أشاء، أشعل لك الضوء حين أريد، وأطفئه حين أقرر أن الظلام أنسب لك.
أمنحك الخبز بيد، وأطعنك باليد الأخرى، وأجعل جوعك خريطة تحدد شكل أيامك.
ما رأيك أن أقتحم بيتك ليلا؟
أمزق صراخك بسوط الغضب، أصفع كبرياءك، وأكسر عظام عزتك، وقبل أن أغادر، أخطف أحد أحبائك، آخذه إلى غياب لا يشبه أي غياب، وأتركك هناك، وحيدا بين دموعك وأسئلتك التي لا إجابة لها.
ثم أعود في الصباح، أضع قدمي على عتبة بيتك، وأقول لك بابتسامة باردة:
"لماذا تقاوم؟، ألم تدرك بعد أن الحياة ممكنة هكذا؟"
ولكن يا سيدي
هل ستقول لي إنك ستقبل؟، هل ستحدثني عن الحكمة في الصمت، عن السلام في الخضوع، وعن الحياة التي تستحق أن تعيشها ذليلا؟
غزة ليست مجرد مدينة، إنها بيتك الذي تآكل من نسيانك.
هي غرفة أطفالك التي امتلأت بدخان القنابل، ومائدة عشائك التي انقلبت على الجوع، ونوافذك التي أغلقتها على صراخ الأمل المحاصر.
غزة ليست صفحة في نشرات الأخبار، ولا معركة تكتب عنها التقارير، إنها مرآة وجهك حين تخجل، إنها السؤال الذي يفضحك:
كيف تقبل أن يسرقوا بيتك وأنت تتفرج؟
يا من تتحدث عن خسارتها، أي خسارة أعظم من أن تفقد شرفك؟ أي هزيمة أشد من أن تبيع كرامتك؟
غزة ليست معركة تنتهي، إنها قصة تبدأ في كل بيت،
وتسأل كل إنسان:
هل ستبقى إنسانا أم أنك اخترت النسيان؟.
عماد نصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .