بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 يناير 2025

رهين النكبات بقلم الراقي اسامة مصاروة

 الجزء السادس من قصيدتي 

"رهين النكبات" المكوّنة من 

320 رباعية 

هنا من 126-150


126

يبدو بِأَنَّ الْخيرَ مُنْقِطِعُ

عنْ قلبِ مَنْ بالْغَدْرِ ينْطَبِعُ

خيانَةُ الأَوْطانِ يورِثُها

الْجَدُّ والابنُ يَصْطَنِعُ

127

لا يولَدُ الطِّفْلُ عميلًا ولا

عِندَ الْعِدى بالذُّلِّ مُنْشَغِلا

خيانَةَ الأجدادِ يَرْضَعُها 

فيُصْبِحُ الْجَدُّ لَهُ مَثَلا

128

زَيْتونَتي أَحْبَبْتُها فَأبي

قالَ لنا لمّا أتاهُ الصَّبي

قامَ بِزَرْعِها وَتَقْليمِها

وذاتَ نحْسٍ جُنَّ من غضَبِ

129

سألتُهُ ما بِكَ يا والِدي

وقدْ دَعاكَ الناسُ بالزّاهِدِ

ما لي أراكَ ثائِرًا غاضِبًا

وأَنتَ خيْرُ عالِمٍ راشِدِ

130

لمْ يُعْطِ إجابَةً تُسْعِفُ

ولمْ يكُنْ أبي الَّذي أعْرِفُ

إذْ كانَ دائِمًا يُفسِّرُ لي

وَيشْرَحُ الأشياءَ بلْ يَكْشِفُ

131

عنْ أصْعبَ الأوْضاعِ في البَلَدِ 

كيْ لا يَرى الأَبناءَ في كَبَدِ 

لذلِكمُ قال بِحُزْنٍ لنا

وَعائِذًا بالْواحِدِ الْأَحدِ

132

رأى على زيْتونَتي طائِرا

كان غريبًا رُبّما عابِرا

لكنَّهُ حَطَّ عليْها ولمْ

يطِرْ فهلْ لِأرْضِنا هاجَرا؟

133

ذَهَبْتُ حتى أُبْصِرَ الطّائِرا

لكِنَّهُ أوْقَفَني حائِرا

كانَ قبيحًا بشِعًا مُزْعِجًا

إبْليسَ قدْ رَأيْتُهُ حاضِرا

134

أَمِنْ سَعيرٍ جاءَنا يَنْفُثُ

نارًا وَبِالأرضِ كذا يعْبَثُ؟

يا ويْحَ قلبي مِنْ لَظى مَكْرِهِ

وَغَدْرِهِ وَكُلِّ ما يَخْبُثُ

135

أبي تجاهَلَ الْغريبَ وما

ظَنَّ بِهِ شرًا سِوى عِندما

شاهَدَهُ يَطرُدُ من عُشِّها

حَمامةً كانَ لها طاعِما

136

بلْ إنَّها كانتْ بِإِنشادِها 

صُبْحًا وَدائِمًا بميعادِها

توقِظُنا لِكَيْ نُصَلّي مَعًا

فكيفَ يفْتَري بِإبْعادِها

137

كانَ أبي بالْوُدِّ لا ينْضُبُ

وقلْبُهُ مُسالِمٌ طيِّبُ

ونادِرًا ما كانَ يَنْفَعِلُ

وليْسَ مِنْ صِفاتِهِ الْغَضَبُ

138

تعجَّبَ والِدي منْ أمْرِهِ

لكنَّهُ أبقاهُ في سِرِّهِ

أمّا أنا فخِفْتُ من صوْتِهِ

وكُنتُ أسْتَبْسِلُّ في نحْرِهِ

139

حاوَلْتُ طَرْدَهُ ولكنْ سُدى

عانَدَنا أوْ هكَذا لي بَدا

حتى تَحَدّانا بوَحْشِيَّةٍ

بلْ بِصُراخٍ اسْتَفَزَّ الْمدى

140

ظلَّ على زيْتونَتي قابِعا

يصْرُخُ حتى خِلْتُهُ جائِعا

صُراخُهُ الْمُزْعِجُ أرَّقَني

فقُمْتُ كيْ أطْرُدَهُ مُسرْعا

141

أحَسَ بي أبي فأرْجَعَني

قالَ سيَخْتَفي فأقْنَعَني

تحسَّنتْ لا ريْبَ نفْسِيَّتي

لكنَّ بعضَ الْخوْفِ زعْزَعَني

142

حاولتُ أنْ أنامَ مُعْتَقِدا

بلْ وَعلى الوالِدِ مُعْتمِدا

إذْ قالَ جازمًا مِنَ الْخِبْرةِ

بأنَّهُ سوْفَ يطيرُ غدا

143

فَلْأّنْتَظِرْ إلى غَدٍ أَقْدَرُ

أَلمْ أَكُنْ مِنْ قبْلِهِ أَصْبِرُ

حتى أنا ما كُنْتُ أَحسَبُهُ

ذا خطَرٍ إذًا سَأَنْتَظِرُ

144

يُهاجِرُ الطَّيْرُ إلى بَلدي

حيْثُ يَمُرُّ الْوَقْتُ في رَغَدِ

هِجْرَتُها طَبْعًا يقومُ بِها

في كُلِّ عامٍ وَإلى الْأَبَدِ

145

بَعْدَ انْقِطاعِ الثَّلْجِ في الْوَطَنِ

وَعَوْدَةِ الأَوْراقِ للْفَنَنِ

يَعودُ لِلْأَوْطانِ ثانِيَةً

وَزَحْمةِ السُّكانِ في الْمُدُنِ

146

لذلِكُمْ لا بُدَّ أنْ يَرْجِعا

لا أنْ يَظَلَّ هاهُنا قابِعا

غريزةُ الطَّائِرِ أنْ يَرْحَلا

ثُمَّ يَعودَ للْحِمى طائِعا

147

هلْ طارَ فِعْلًا سألَ السّائِلُ

وهل يَطيرُ الغاصِبُ الْقاتِلُ

أجَبْتُهُ والدَّمْعُ منهَمِرٌ

لا إنَهُ في بيْتِنا نازِلُ

148

لا بأسَ واعْتبرْتُهُ ضيْفَنا

لليْلةٍ فلْنَكْتُمَنْ خوْفَنا

مِنْ طائِرٍ بَدا لَنا أَحْمَقا

عارٌ إذًا إظْهارُنا سُخْفَنا

149

هذا الّذي فكَّرْتُ في قوْلِهِ

معْ أَنَّني اشْمأْزَزْتُ مِنْ شَكْلِهِ

يا ويلَنا نَخافُ مِنْ طائِرٍ

يَصْرُخُ إذْ يبْحَثُ عنْ أكْلِهِ

150

ضحِكْتُ ثمَّ قُلْتُ إنّي الْغَبي

بلْ كُلُّنا كنّا وحتى أبي

قُلْنا وحيدٌ سيَطيرُ غدًا

وليْسَ للْبقاءِ مِن سبَبِ

د. أسامه مصاروه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

هذا هو العيد بقلم الراقي منصور عياد

 " هذا هو العيد"     شعر / منصور عياد            عيد أتانا      وليل الحزن تغريد     الفرح فارقنا والخوف تهديد     وكلما جاءنا غيث...