صِدتُ الغزالَ
================
صِدتُ الغزالَ فصادَتني مآقيهِ
فصِرتُ في الأسرِ مفتوناً بما فيهِ
عينلهُ من وترِ الأجفانِ راميةٌ
قلبي بسهمٍ، وقلبي ليسَ يرميهِ
مُتَمَّمُ الوصفِ لا يجري لواصِفِهِ
شِعرٌ بوصفٍ ولا التبيانُ يرويهِ
يُحَدِّثُ القلبُ عن أحلى مآثرِهِ
وليسَ يُبصرُ شيئاً من مساويهِ
كذلكَ العشقُ للمحبوبِ يُنطقُني
فكيفَ أُدركُ سوءاً في معانيهِ؟!
روضٌ من الحُسنِ والجوريُّ وجنتُهُ
والنورُ طلٌّ بدا شهداً على فيهِ
أُقبِّلُ الزهرَ من ثغرٍ بهِ شَنَبٌ
و للآلئِ نظمٌ في مغانيهِ
فتسبحُ الروحُ في ملكوتِ خالقِها
تُسبِّحُ اللهَ في قُربِ الأفاويهِ
قضيبُ بانٍ وفي راحاتِهِ فنَنٌ
طَوَّقتُهُ بيدٍ بالرِّفقِ أجنيهِ
وَ مِلتُ عطفاً على الأردافِ أُوقِظُها
بِغمزةِ الرّاحِ فاسترخَت نواصيهِ
في جَنّةِ السِّحرِ ألقى القلبَ خافِقُهُ
و هامَ بالشَّهدِ حتى مَلَّ ساقيهِ
على ضفافِ الفضا قالَت مُعذِّبتي:
أينَ الغرامُ الذي قد كنتَ تُبديهِ؟
و اينَ ما كنتَ في الماضي تُقدِّمُهَ؟
فما تُقصِّرُ في ما كنتَ تُعطيهِ؟
وأينَ بسمتُكَ التي بابخُبِّ تغمرُني؟
وأينَ ما كنتَ من لحنٍ تُغنِّيهِ؟
وأينَ؟ أينَ؟ وطافَ الدمعُ يخنقُني
وغُصَّ حلقي وسِرّي لستُ أُبديهِ!
ماتَ الغرامُ على دربِ النزوحِ ولم
يظهر لِطيرِ الهوى عشٌّ يُسلِّيهِ؟
في خيمةِ القهرِ والأشواقُ تقتلُنا
يُعَذَّبُ القلبُ و الآمالُ تُفنيهِ
تَجَمَّعَت حولَنا الأزهارُ داميةً
والجيبُ خالٍ وهذا الحالُ يكفيهِ
نحيا على البذلِ والمبذولُ أرغفةٌ
معجونةٌ من دمٍ و الآهُ تصليهِ
كُنّا نمُدُّ لكلِّ الناسِ ساعِدَنا
والكفُّ عُليا بجودٍ ليسَ تُخفيهِ
واليومَ صرنا نمُدُّ الكفَّ سائلةً
جودَ البخيلِ بِشُكرٍ ليسَ يُرضيهِ
بِساطُنا الأرضُ و الآلامُ أغطيةٌ
وحولَنا الحزنُ يذبحُنا، ونُخفيهِ
صِدتُ الغزالَ فأمسى الهمُّ يحكمُهُ
وما يزالُ جميلاً في أغانيهِ
شابَ النُّحولُ قضيبَ البانِ أرهقَهُ
حُزني، وجادَت على دمعي أياديهِ
ياليتَني كنتُ في الموتى وما لمحَت
عينايَ دمعاً غزا - ظلماً - مآقيهِ
==============
بقلمي
د.جميل أحمد شريقي
( تيسير البسيطة )
سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .