ليتني... / مجيدة محمدي
ليتني كنتُ ظلًا يتبعُ قدميّ الريح،
يجرّني حيث يشاء الوقت،
حيثُ الطُرق غير المعبّدة بأوجاع الأمل،
وحيثُ الحقول لا تُساقط سنابل الانتظار.
ليتني كنتُ غيمة،
لا وطن لها سوى الأفق،
تحمل أثقال البحر،
وتسكبها دموعًا على وجوه العابرين.
لا شيء يربطها،
لا جذور ولا مرافئ،
فقط هباء الرياح يُقيمُ صلاته فيها.
ليتني كنتُ حرفًا بلا لغة،
يُسرقُ من الأفواه ويُلقى على أسطر النسيان.
لا معنى لي،
ولا رغبة تُكلّفني البقاء،
أصير نقطةً تُنهى بها الحكايات،
أو فاصلة تُبقي للحياة استراحة.
ليتني كنتُ مرآةً في غرفة معتمة،
لا تفضح الوجوه،
ولا تحمل ملامح العابرين،
فقط مساحة من صمت،
تنكسر دون أن تُحدثَ ضجيجًا.
ليتني كنتُ شجرةً يابسة،
لا تتبدل أوراقها،
ولا تسرق منها الفصول أي شيء،
شاهدة على الزمان،
لكني لست جزءًا منه.
ليتني كنتُ أغنية تُنسى سريعًا،
تمرّ بين الأصوات ولا تُعقد لها المقارنات،
أُغني للحزن حين يشاء،
وأرحل حين ينطفئ اللحن.
ليتني كنتُ فكرةً عابرة،
لا تحمل ثقل الكلمات،
ولا تُقيّدني الأفكار،
أمرّ كنسمة،
تُربّت على أرواح الذين لا يعرفونني.
ليتني كنتُ لا أحد،
ولا شيء،
ولا هنا.
لكنني هنا،
في كل شيءٍ لستُ أنا،
أحمل عبءَ الأحلام التي تموت،
وأجمع بقايا النور من نوافذ مغلقة،
أدور في فلكٍ لا يعرفني،
وأكتبُ هذا النشيد الطويل للعدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .