(قد احتشد البكاء)
هناك لحظات في الحياة يتراكم فيها الحزن داخلنا كأنما هو بحر بلا ضفاف. البكاء في تلك اللحظات لا يكون مجرد دموع تسقط، بل هو شعور يفيض من أعماقنا، يختلط بالصمت والحنين والخوف. نكتمه أحياناً، نحاول أن نتجاهله، لكنه يحتشد كغيمة ثقيلة تبحث عن انفجارها.
حين يحتشد البكاء، لا يكون ضعفاً كما يظن البعض. إنه اختناق الكلمات التي عجزت عن التعبير، وامتلاء الروح بما يفوق طاقتها. إنه صوت الألم الذي يسكننا، يصرخ بلا صوت، وينتظر أن يتحرر من قيده.
يحدث هذا الاحتشاد عندما نحاول أن نتظاهر بالقوة، عندما نكبت مشاعرنا حتى لا نزعج من حولنا، عندما نخشى أن تُفسر دموعنا على أنها علامة وهن. لكن الحزن لا يختفي، بل يتراكم، نقطة بعد أخرى، حتى يصبح ثقلاً لا يمكن تحمله.
البكاء الذي نكتمه في الداخل ليس نهاية، بل هو محطة. لحظة نواجه فيها ضعفنا بصدق، نعترف أننا بشر، نحزن، ونتألم، ونكسر. في تلك اللحظة، تتحول الدموع إلى لغة خاصة، تروي ما عجزت عنه الحروف.
ومهما احتشد البكاء في أعماقنا، فإنه دائماً ما يأتي ليفرغ بعضاً من ثقله، ليترك مكانه مساحة لراحة مؤقتة. وربما، في كل دمعة تسقط، نجد جزءًا من أنفسنا التي ضاعت وسط ضجيج الأيام.
البكاء ليس عيباً ، بل هو شكل آخر للقوة. القوة التي تدفعنا لنواجه أوجاعنا دون هروب، ونتقبل ضعفنا كجزء لا يتجزأ من إنسانيتنا.
دعوني...لاحاجة لي إلا للبكاء أريد أن أكون إنساناً
د.عمر أحمد العلوش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .