بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يناير 2025

نبضان في قلب بقلم الراقي زياد دبور

 نبضان في قلب

زياد دبور *


في أعماقِ روحي، 

حيث تتلاشى حدودُ الزمن

ينبضُ توأمٌ سرمديّ

كغيمتينِ في فجْرٍ هادئٍ تعانقتا

كموجتينِ على شاطئ الحلمِ تلتقيان

فتُشرق الحياة من بين أمواجهما

وحين تفترقان

يولدُ الحنين كضوءٍ يتسللُ من خلف الغيوم


طفلٌ متمرّدٌ يركضُ حافياً في صحارى الحلم

تتبعُه الريحُ كأنها تحفظُ سره

وتنزفُ قدماه نجوماً تُنيرُ العتمة

يزرعُ في رمال العدم واحاتٍ من ضوء

يجمعُ أصدافَ المعنى من شواطئ الصمت

ويُشيّدُ من الكلمات المهجورة قصوراً

تتوهّجُ في مملكةٍ خالدةٍ لا تنطفئ


ونارٌ أزليةٌ تُصهرُ جدارَ الغياب

تذيبُ الخوف المتجمد في زوايا الروح

شعلةٌ تُضيء دهاليز الوجود

تُسابق الزمن لتكشفَ في نظرةٍ واحدةٍ

سراً يُولد في عُمق الأبدية

ويسكنُ بين نبضات القلب


بينهما أقفُ، 

كناسكٍ في محرابين

أُصلي للجمالِ حتى تتساقط دموعي لآلئ

وأذوبُ في الكونِ

حتى أكون نبضاً يترددُ في أروقة الحياة


كلما ظننتُ أنني لمستُ جوهرَ أحدهما

فاجأني الآخرُ بوجهٍ جديد

كأنهما حارسانِ أزليان

يهدمان جدارَ العادةِ بمطارق النور

ويوقظان المعنى في ليل الغفلة


في صمتِ الليل الكوني

حين تُغلق العيون وتخفت الأصوات

يعزفُ قلبي سيمفونيةً خالدة:

نغمةً من شِعرٍ نقي

ونغمةً من حبٍّ صافٍ

تمتزجان كضوء الفجر في سماءِ الروح


أتساءل في لحظة انفراد:

كيف يتنفسُ الشعرُ رحيقَ الحب

فيُزهرُ في القلب وروداً لا تذبل؟

وكيف ينبضُ الحبُّ بشِعرِ الحياة

فيكتبُ في الأبدية قصائد لا تنتهي؟


وحين تضيقُ بي الدروب

وتغرقُ روحي في صمتٍ ثقيل

أراهما معاً

يشقّان صخرَ المستحيل

يفتحان نافذةً تطلُ على النور

ويرسمان جسراً من قلبي إلى النجوم

يهمسان لي بهدوءٍ:

"ما دام نبضُ الشعرِ والحبِّ في روحكَ

فأنتَ خالدٌ أبداً"


هكذا أمضي

حاملاً هذا السرَّ المقدس:

شعراً يتنفسُ حباً فيصير كوناً

وحباً يتنفسُ شعراً فيصير حياة

وفي اتحادهما الأزلي

تتجلى حقيقتي الإنسانية

وتكتملُ معاني وجودي


*. © زياد دبور ٢٠٢٥

جميع الحقوق محفوظة للشاعر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

غزة الجرح الغائر بقلم الراقي احمد محمد حشالفية

 "غزة" الجرح الغائر الظلم باد للعيان ونخاله مأزق غابت الحلول التي عنها نتفق الأمر فعلا باهت ولا يستحق كأن تقول :"للطفل العربي...