*------------/ بين ذلّ وذهول /------------*
عبث العدو المحتل بفلسطين وأمعن في التقتيلِ
ولم يبق غير الحطام والركام والتدمير والعويلِ
ويستمر الاجرام مرارا لتأكيد التخريب والتنكيلِ
والقضاء نهائيا على كل بشر ومعلم وكل جميلِ
من أجل طمس أثر الهوية والتاريخ وأي أصيلِ
وتدمير القدس وقبة الصخرة والأقصى الفضيلِ
وجميع معالم الأرض المقدسة وكل حجة ودليلِ
مثل شجر الزيتون والليمون والزعـتر والاكليلِ
ونحن نتفرج ونتألم ونمعن في الشرح والتحليلِ
ولا نكف عن الدعاء والتمادي في النوم الطويلِ
وإذا قررنا نندد ونرفع شعارات الكذب والتدجيلِ
ونناقش ونتحاور ونبالغ في المزايدات والتأويلِ
ثم نعود من جديد إلى الرقود والجمود والخمولِ
وتعدد جرائم المحتل ويتفنن في القهر والترذيلِ
ولا يمكن مواجهته إلا بالتنديد والموقف الهزيلِ
وكأنّا نشجعه على مزيد الفتك بالعرض والطولِ
واجتثاث ما بقي واحتلال أرض الوحي والنزولِ
ونحن نعي أنه يرتكب الإبادة بالجملة والتفصيلِ
ولهول ضعفنا أصبحنا في حقنا نهفو إلى القليلِ
وصرنا مرغمين على تجرع الذلة جيلا بعد جيلِ
وفي تبرير هزائمنا لا نستثني أي عذر أو سبيلِ
واعتقدنا عازمين أن النصر يبدو من المستحيلِ
فهو ابتلاء من الله وامتحان لملة النبي الرسولِ
والرضاء بحكم القدر وهو عين التفكير الفضيلِ
وقدرنا أن نصبح عـبيدا أذلاء للمستعمر الدخيلِ
ومطبّعين أوفياء مع الغاصبين وفاقدي الأصولِ
من الغزاة الصهاينة وطغاة الاستعباد اللامعقولِ
وقادة الغرب المتوحش والزاحف نحو المجهولِ
أيعقل أن نكون أضحوكة مثيرة للذليل والجهولِ
ونبدو كلعـبة في أيدي مرضى النفوس والعقولِ
ومن أبّدونا تحت تسلط الفرس والروم والمغولِ
ولم يعلمونا سوى التخريف والتدجيل والتضليلِ
ومنذ ذاك الزمان ونحن تائهون بين ذل وذهولِ
وفي إدمان على فنون الثرثرة والقيل والأقاويلِ
ولا شيء من العقل والقوة والعدة ورباط الخيلِ
وكذلك سنبقى في وضع المستضعف والمخذولِ
وربما تأتي معجزة وتزول عنا سكرة المسطولِ
وسلواننا بالدعاء وعـزاؤنا بالمواويل والتراتيلِ
في انتظار ساعة الرحيل بما نمتلك من إثم ثقيلِ
*-----/ بقلم ا
لهادي المثلوثي / تونس /-----*