في ذكرى أبي الفداء
فازت بجائزة مسابقة أبي الفداء الشعرية
هذي حَمـــاةُ قَصيـــدٌ كُلُّ مـا فيهـــا
كأنّمـــا عَبْقَــــــرٌ غَنّـــى قَوافيهــــــا
فَسبّـــحِ اللهَ إنْ وافيْـــــتَ جَنّـتَهـــا
وَاذكرْ حَنايا " طُوىً " إنْ جئْتَ واديها
تَــزْهــــو العُروبةُ في أحْداقِهـا ألَقـــاً
وَنَبضـــةُ الحُـــبِّ تِريــاقٌ بِعاصيهـــا
بُناتُها الصِّيـــدُ شادوها وَما غَرِمـــوا
أبو الفِـــداءِ ، وَيا فَخْـــراً بماضيهــا
وَلَـــوْ تَرانـــا على آثـــارِهِ قُدُمـــــــــاً
نَجري مِهـــاراً على أعْطافِ شاطيـها
كنّا مَـــعَ المجـــدِ أتْــرابـــاً بِقَلْعتِهـــا
وَما نـــزالُ صُـــروحَ المجـــدِ نَبنيـها
فأنْهلَـتْـنــــــا زُلالاً مِـــنْ سَحائبِهــــــا
وَأطعمَــتْــنـا جَنيّـــاً مِـــنْ دَواليهــــا
وَكمْ رسَمْنـــا فَراشـــاتٍ بِدَفْتـرِهــــا
وكمْ كتَـــبْـــنـا على جِـــذْعٍ أساميها
وَكمْ نَقَشْـــــــــنــا على أسْيافها غَزَلاً
وَكمْ بنَــيْـــــنـا المعالي مِنْ عَواليــها
قلوبُنا عندَ ( بابِ النَّهـــرِ ) نُـورِدُهـــا
فالوَجْـــدُ يُضْرمُهـــا وَالنَّهرُ يُطفيـــها
وَ( للدُّهَيشَـــةِ ) أنْـــداءٌ تُناسِـمُنــــــا
رَوْحَ النَّعيـــمِ فتُصْبينـــا وَنُصْبيهــــا
وَعندَ ( جِسْرِ الهوى ) نُفضي بِلَهْفتِـنا
وَلِلمُحبّيـــنَ أحْــــوالٌ نُســــــاميهـــا
تَشْـــدو النّواعيـــرُ أوْراداً تُلَقِّنـُـنــــــا
فَرائـــداً مِنْ أصيـــلِ الشِّعْـــرِ نَرويها
تُســلْسِـــلُ الحُـــبَّ آهـــاتٍ مُتيّمـــةً
وَأدمُـــعُ الشَّـــوقِ مِسْــكٌ في مآقيها
سَخيّـــةٌ وَالضّلـــوعُ الْخُمْصُ ساغبةٌ
تَفـــيــضُ ، ما بخلَتْ يَـــوْمـاً أياديها
منها اقتبسْنا طِباعَ الجودِ فَانْبَسَطَتْ
منّـــا الأكفُّ - على فَقْـــرٍ - نُجاريهــا
نَأوي إليهـــا إذا ما راعَنـــا شَــــــجَنٌ
وَالأمُّ إنْ رُوِّعَ الأفـــراخُ تُؤْويهــــــــا
( ( (
وَضَيّـــعَ المجــدَ قَومٌ ، فَجْأةً وَجَدوا
جَلالَـــةَ المجْـــدِ مُرْتاحـــاً بِواديهـــا
يحِـــنُّ دَومـــاً إلى أفيـــاءِ مَوْلـــــدِهِ
مَـــعَ النّدامى ، وَما أشْهى تَناجيـها !
مُعانِقـــاً مَلِكاً ، فَالتَـــوْءَمــــانِ هُمـــا
حَمـــاةُ عرشُهمـــا مُـــذْ كانَ بانيهــــا
( ( (
أبا الفـــداءِ وَذِكـــرى المجْـــدِ فاغِمَةٌ
مـــا إنْ يَمَـــلُّ على الأيّـــامِ تاليهــــا
كُرمى لِعيْنَيْـــكَ نَبْضَ الحبِّ نغزلُـــهُ
قصائـــداً يَسحـــرُ الألبـابَ شاديهـــا
يا مَنْ قرأنـــاهُ في جَفــنِ العُلا حُلُماً
وَفي النّجـــومِ مَــداراتٍ يُغاديهــــــا
ذِكـــراكَ مُتّـــكأٌ يَرتـــاحُ ذو شَـجَـــنٍ
إليـــهِ مِـــنْ ألمِ الدُّنيــا وَمـــا فيهـــا
فَكانَ نَفْـــحَ الشّـــذا أنفاسُ ذاكرِهــا
وَكنـــتَ آيَ الهُـــدى في لَيْلِ داجيها
غَرَسْـــتَ وارفـــةً فـــي كُلِّ رابيــــةٍ
وَالحرفُ كانَ رَديفَ السّيفِ حاميهــا
أهْـــدى يراعُـــكَ تاريخــــاً لَـــهُ أرَجٌ
وَلِلْعلـــومِ بحـــارٌ كنْـــتَ ســـاريهـــا
وَفّى ( قلاوونُ ) وَعْداً إذْ فزعْتَ لَهُ
لَيْثاً على صَهَواتِ الــرّيـحِ تُـــزْجيهـا
وَلاّكَ ممْلكـــةً قَدْ كُنـــتَ أهـــلاً لهـــا
عَـــدْلاً وَعِلْمـــاً وَأخلاقـــاً تُواليهـــــا
واجهْتَ هُوجُ تَــــــتـارٍ راسِخاً جَبَــلاً
وَلِلفرنْجَـــةِ كالضِّـــرغــــامِ تُرْديهــــا
وَما انْشغلْتَ عَنِ القرطاسِ تُشْـــغلُـهُ
وَتَشهـــدُ الكُتْـــبُ مَنْ حَلّى دَراريهــا
في كفِّكَ السّيـــفُ وَالأُخرى بها قَلَـمٌ
فَكيــفَ كنْـتَ مَعَ الرّايـــاتِ تُعْليها ؟
( ( (
وَهـــا أنا جئـتُ أشْجانـــاً على وَتَـــرٍ
أَأَخْنُـــقُ التَـــوْقَ فيهـــا أمْ أُغنّيـهـــا
حملْتُ همَّكَ في الوجدانِ منْ صِغَري
وَزارعُ الآهِ بِالآلامِ يَســــــــــــــــقيهـا
أغازلُ الشَّمسَ عَلَّ الشَّمسَ تضحكُ لي
فَيُســـدلُ اللَّيـــلُ أطباقـــاً يُغشّيهـــا
ماذا أحَدّثُ عــنْ حُلمي وَعنْ حُرَقي
تُريـــدُ تنطـــقُ أسْـــراري فأُخْفيهـــا
وَكيـــفَ أُكتُـــمُ أشْجانـــاً تُؤرّقُـنـــي
وَقَـــدْ رَأَوْهـــا بأحْـــداقي أُداريهــــا
تكالَبَـــتْ أمَـــمٌ تَسْتــافُ قَصْعَتَـنــــا
وَقـــدْ بَلَـــوْتَ كمـــا نُبْلى مَآسيهـــــا
أمُدُّ طَرْفي عَســـى الآمالُ تُسْــعفُني
فَتَنْســـفُ الــــرّيـحُ آمالي وَتُسْفيهــا
ما ينفعُ الدّمعُ؟هلْ يشفي مواجِعَنا ؟
أمْ أنَّ شَـــوْطَ العُلا إقدامُ فاديهـــا ؟
لهْفي على أمَّتي هِيضـــتْ مَنابـــرُها
أمْ أنّنا مثلَ أجدادي ســنَـــبْـنـيـهـا ؟
أصْحو مَعَ الفجرِ أسْتجدي الغَمامَ ندىً
مِنْ جمرةِ القلبِ مِنْ جُرحي أُناديها :
رُدّي إلى مُقَلِ الأحْفـــادِ وَمضَ سَنىً
يُغَـــرِّدِ اللّيْلُ فَجْـــراً في رَوابيهــــــا
فُضْلى الشّعوبِ إذا تاقَتْ إلى غَدِهـا
رَوَّتْ قناديلَهـــا مِنْ زَيْـــتِ ماضيهــا
( ( (
أبا الفـــداءِ وَذِكـرى المجـــدِ داميــةٌ
تُذْكي الجـــراحَ ، وإنّــا مَنْ نُعانيهـــا
لا تُقْفلِ البابَ ، إنّ الشَّمسَ طالعـــةٌ
مَهْما أناخَـــتْ عَلى البلْــوى لَياليهـــا
منْ دمْعةٍ جَرَّحَتْ خَدَّ اليتيمِ ، ومنْ
آهـــاتِ ثَكلى تَناسَيْنـــا مراثيهــــــا
منْ جُرْحِ مئذنةٍ ،منْ مُصحفٍ شَهَقَتْ
أوْراقُـــهُ الغُـــرُّ في أحضانِ تاليـهـــا
مِــنْ منبـرٍ كَسّروا أعْـــوادَهُ حَنَقــــــاً
مِنْ قُبَّـــةٍ للعُـــلا دَكّـــوا سَــواريـــها
مِنْ بِـــذرةٍ في ضَميـــرِ البِيدِ غافيـةٍ
مِنْ قطْـــرةٍ منْ يمينِ الغَيْثِ تَسْقيها
مِنْ دفقةِ الجرحِ مِنْ دامي مواجِعِنا
تَستيقظُ الأرضُ عنْ أحلى أقاحيهــا
( ( (
لا تُقفلِ البابَ ، خَيلُ الشّــامِ صاحيةٌ
بِرايـــةِ النّصْـــرِ مَعقـــودٌ نواصيهـــا
مِنْ حنْدسِ اللّيلِ يأتينا( بلالُ) هُدىً
يُؤذّن الفجْـــرَ للأجيـــالِ يُحييـــهـــا
مِنْ مُقلةِ الشّامِ يَنهلُّ الضِّيــاءُ ، ومِنْ
مشارفِ الشّامِ يجلو الشّمسَ حاديها
وَيَلبَسُ الصُّبـــحُ مِنْ أحداقِنا حُـــلَلاً
وَيَرْفُـــلُ المجـــدُ تيهـــاً في مَغانيها
( ( (
رضوان الحزواني
16/11/2016
* جسر الهوى ، باب النهر : أماكن في حماة
* الدهيشة : اسم ناعورة في حماة قرب مرقد الملك أبي الفداء
* قلاوون : هو السلطان الناصر قلاوون ولّى أبا الفداء إسماعيل ملكاً على حماة لما أعانه على محاربة التتار والفرنجة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .