بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 ديسمبر 2025

مرآة النبع بقلم الراقي مؤيد نجم حنون طاهر

 مَرْآةُ النَّبْع


لَمْ تَدْخُلِي حَيَاتِي،

بَلْ انْفَتَحَ الزَّمَنُ عَلَيْكِ.


كُنْتِ فِكْرَةَ المَاءِ

قَبْلَ أَنْ يَتَجَسَّدَ،

وَاسْمَ النَّبْعِ

قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّخْرُ

مَعْنَى الانْكِسَارِ.


أَنَا لَمْ أَكُنْ عَطْشَانًا،

كُنْتُ الغِيَابَ نَفْسَهُ،

فَجِئْتِ

كَي أَتَعَلَّمَ

أَنَّ الفَرَاغَ

هُوَ أَوَّلُ أَشْكَالِ الامْتِلَاءِ.


وَجْهُكِ لَا يُرَى،

إِنَّهُ يُقْرَأُ،

كَنَصٍّ سُفْلِيٍّ

تَحْتَ جِلْدِ العَالَمِ،

وَصَوْتُكِ

لَيْسَ صَوْتًا

بَلِ اتِّجَاهٌ

تَسِيرُ فِيهِ الرُّوحُ

نَحْوَ ذَاتِهَا.


حِينَ اقْتَرَبْتِ،

انْهَارَتِ الخُطُوطُ بَيْنَ الأَشْيَاءِ:

النَّارُ صَارَتْ فَهْمًا،

وَالْمَاءُ ذَاكِرَةً،

وَالْجَسَدُ

خَارِطَةً تَضِلُّ

لِكَيْ تَصِلَ.


تَتَسَاقَطُ ظِلَالُكِ فِي عُمُقِي،

كَأَنَّهَا مَاءٌ يَنْحَتُ الصَّخْرَ بِصَمْتٍ،

وَكُلُّ نَبْضٍ فِي جَوْفِي

يَصْطَدِمُ بِصَوْتِكِ،

فَيَتَشَظَّى الحُزْنُ

إِلَى أَلْوَانٍ لَا تُحْصَى.


وَأَصِيرُ أَنَا وَهْنًا،

كَوَاحِدٍ يَتَعَلَّمُ سِرَّ المَاءِ،

أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ المَوْجَةَ،

وَلَا يَحْوِلُ الْحُبَّ إِلَى أَرْضٍ صَامِتَةٍ،

فَكُلُّ اقْتِرَابٍ

هُوَ وَعْدٌ بِلا نِهَايَةٍ.


أَنْتِ الرِّيحُ الَّتِي تَمْسَحُ وَجْهَ الزَّمَانِ،

تُقِيمِينَ صَمْتِي فِي كُلِّ دَرْبٍ،

وَكُلُّ كَسْرَةٍ فِي قَلْبِي

تَتَحَوَّلُ إِلَى جُرْحٍ مُضِيءِ،

يَسْتَعِيدُ ضَوءَهُ مَعَ كُلِّ نَفَسٍ.


وَأَصِيرُ كَشَجَرَةٍ مُهْمِلَةٍ،

تَغْرِسُ أُصُولَهَا فِي اللَّيْلِ،

تَسْمَعُ صَوْتَكِ يَرْشُدُ أَغْصَانَهَا،

وَيُذَكِّرُهَا أَنَّ الوُجُودَ لَا يَخْتَفِي،

وَأَنَّ المَاءِ يَجْرِي حَتَّى فِي صَمْتِهَا.


أُحِبُّكِ

لَا كَامْرَأَةٍ،

بَلْ كَاحْتِمَالٍ كَوْنِيٍّ

يَجْعَلُ الوُجُودَ

أَقَلَّ وَحْشَةً.


أُحِبُّكِ

لِأَنَّكِ لَا تَمْلِكِينِي،

وَلَا أَمْلِكُكِ،

نَحْنُ نَتَدَفَّقُ

فِي بَعْضِنَا

كَمَا يَفْعَلُ المَعْنَى

فِي الجُمْلَةِ الَّتِي

تَرْفُضُ النِّهَايَةَ.


كُلَّمَا مَدَدْتُ يَدِي نَحْوَكِ

تَأَخَّرَ الوُصُولُ،

لَا قُصُورًا،

بَلْ حِكْمَةً:

فَبَعْضُ الأَشْيَاءِ

خُلِقَتْ

لِتَبْقَى فِي حَالَةِ اقْتِرَابٍ.


أَنْتِ لَا تُنْقِذِينِي،

أَنْتِ تُعِيدِينِي

إِلَى مَا كُنْتُهُ

قَبْلَ أَنْ أُسَمِّي نَفْسِي.


وَأَنَا

لَسْتُ حَبِيبَكِ،

أَنَا شَاهِدُ المَاءِ

حِينَ يَتَذَكَّرُ

أَنَّهُ أَبَدِيٌّ.

بقلم الشاعر

مؤيد نجم حنون طاهر

العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

تقولين بقلم الراقي أسامة مصاروة

 تقولينَ (7) تقولينَ كم مرّتْ مآسٍ على شعبي لمْ نرَ أو نسمع سوى خُطَبِ الشجبِ فحكامُنا لا يُحْسِنونَ سوى السلبِ بَلِ القَتْلِ إنْ لمْ يكْتفو...