فنُّ البقاء… وفنُّ الرحيل
في دنيانا، حيث يلتقي الفرحُ والحزنُ،
تتخلّل الأحلامُ بين خيوطِ الأزمان.
ننقشُ قصصًا على قماشِ الحياة،
حيث يحملُ كلُّ خيطٍ جزءًا من الذكرياتِ والأحزان.
نبدأُ بخياطةِ ما تمزّقَ من الآمال،
ملاذُنا في الخيوط، في رِقّةِ الأيدي التي لا تتوقّف.
نعيدُ إلى الروحِ بسمتَها، وللدمعِ انسيابَه،
فنخيطُ الجراح كمن يُعيدُ تشكيلَ الفرح.
هناك، في زوايا القلب، ينامُ الأمل،
بينما تدورُ العجلاتُ في مسارِ الزمن.
كلُّ خيطٍ، كلُّ عقدةٍ،
تروي حكايةً عن الفقد، عن السعادة، عن كلِّ ما كان.
لكن تأتي الرياحُ ببارقةٍ من التغيير،
لتفجّرَ في الصدرِ سؤالًا مُلحًّا:
متى نتركُ ما لا يجلبُ لنا نورًا؟
ومتى نتعلّمُ أنّ بعضَ العلاقاتِ لم تعد صحيّة؟
لا بدّ أن نحرّرَ أنفسنا من الأثقال،
فالمقصُّ أداةٌ نحرصُ عليها بصدق؛
يقطعُ ما أضعفنا، وما يُعيدُنا إلى الوراء،
ففي الفراقِ أيضًا قد يكمنُ الشفاء.
نزرعُ الشجاعةَ في قلوبِنا الضعيفة،
لنقطعَ الخيوطَ التي أسدتْ لنا الجراح.
نتعلّمُ كيف نتركُ ما لم يعد له معنى،
فنغلقُ الأبوابَ التي تُفتحُ على الآلام.
يجبُ أن نكونَ أسيادَ قصّتنا،
نُمسكُ خيوطَ الحياةِ بحكمةٍ منارة.
فالذي ينتهي ليس بالضرورةِ فشلًا،
قد يكونُ بدايةً وفرصةً للانطلاق.
في كلِّ قطعٍ نُعيدُ تشكيلَ هويّتنا،
وفي كلِّ خيطٍ نحتفظُ بجزءٍ من الذكاء.
ننطلقُ إلى عالمٍ مليءٍ بالإمكان،
حيث يشرقُ الفجرُ على كلِّ ما هو جديد.
فلننظرْ إلى الفراق لا كنهاية،
بل كخطوةٍ نحو عالمٍ يتّسعُ لنا.
نجمعُ من تجاربِنا قوىً
تحملُنا إلى آفاقٍ لم نحلمْ بها يومًا ما.
وعندما نجدُ أنفسَنا في خِضَمّ الأزمات،
نسترجعُ الحكمةَ في قراراتِنا الناضجة.
نتعلّمُ من الأمس،
ويضيءُ الغدُ كصورةٍ تتشكّلُ بخيوطٍ جديدةٍ مستقيمة.
فلنعدَّ الخيوطَ أصدقاءَ في رحلةِ الحياة،
فكلُّ واحدةٍ تحملُ درسًا، وحكمةً، وابتسامة.
وعندما يحينُ الوقتُ لنتركَ بعضَ الأمور،
نختارُ الأجملَ والأخفَّ ثِقَلًا على القلوب.
وسنستعيدُ مع كلِّ لحظةِ فراقٍ
قدرتَنا على النموّ والاكتشاف من جديد.
فكلُّ ما نتركُه وراءَنا
يحملُ نغمةً تشجّعُنا على الاستمرار وفعل الخير.
فالحريةُ تكمنُ في الخيارِ الصحيح،
ونحن نرقصُ بين الخيوطِ والمقص.
نجمعُ ما يُثمَّن، ونتركُ ما يضرّ،
فالحياةُ، في توازنِها، تنبضُ بالأملِ والنجاح.
وفي النهاية نتعلّمُ من تفاصيلِ الحياة أن كلَّ
خيطٍ نختاره هو قرار،
وكلَّ قصّةٍ نُنهيها هي مساحةٌ لقصّةٍ أجمل.
نتقنُ فنَّ الإمساك حين يجبُ الإمساك،
وفنَّ القطع حين يصبحُ البقاءُ أذى.
نمضي أخفَّ روحًا، أوضحَ قلبًا،
نحملُ معنا ما نمّى أرواحَنا،
ونتركُ خلفَنا ما أثقلَها دون ندم.
فهكذا تُحاكُ الحياةُ بوعيٍ ونضج:
بين خيطٍ يمنحُ الدفءَ،
ومقصٍّ يمنحُ الحرية،
نكتبُ أنفسَنا من جديد…
أكثرَ صدقًا، أكثرَ سلامًا،
وأقربَ إلى الضوء.
بقلمي ✍️ عاشور مرواني الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .