بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 ديسمبر 2021

في حضرة أبي تمام بقلم الشاعر الأديب الدكتور رضوان الحزواني

 .          في حضرة أبي تمام

فازت بجائزة الشاعر أبي تمام الشعرية في منبج 2009 

السيـــفُ أصـــدق لا شَكٌّ ولا ريَـــبُ
لكــنْ إذا سَـــلّـــهُ مُســـتبسِـــلٌ أرِبُ

والعلـــمُ في شُهُبِ الأرمـاح لامعـــةً 
إذا أضـــاءَت على هاماتنـــا الشّهُـبُ

يا ســـيّـدي ! يــا أبا تمّـــامَ معـــذرةً
إنْ قلْـــتُ هذا ، فإنّ الجرحَ يلتهــبُ

أنّى التفـــتُّ أرى عينيـــكَ تســـألني
أيّ الجراحـــاتِ أشكوها وأحتسِـــبُ

القــدسُ ، غـــزّةُ ، أم بغــدادُ نازفـــةً
أم أرزُ لبنـــانَ والسّـــودانُ والنّقَـــبُ

منـــذا يلبّي شموخَ النّخلَ محترِقـــاً
وفي" زِبَطْـــرةَ " تشكو الخُرّدُ العُرُبُ

كلٌّ يصيـــحُ ومـــا يهتـــزُّ معتصِـــمٌ
ومـــا تقدّمَـــهُ جيـــشٌ ولا رُعُـــــبُ

قريشُ أشغلَهـــا عن نصْــبِ رايتهـــا
تألّـــقُ الكوكـــبِ الغربـــيِّ والذّنـــبُ

ســـودُ الصحائـفِ تُنبيها وتخدعُهـــا
وزخـــرفُ القولِ والتنجيمُ والكـذِبُ

قريشُ حطّمـــتِ الأصنـــامَ منْ زمنٍ
واليومَ أصنامُهـــا البترولُ والذّهــبُ

كأنّمـــا أصبحـــا أغــلى بصفْقَتِـــهـــا
من أحمـــرٍ فوقَ رملِ البيدِ ينسَكـبُ

يا ســـيّدي يــا أبا تمّـــامَ يؤســـفُني
تغيّـــرتْ بعدمـــا غادرتَهـــا العـــرَبُ
 

عروبـــةُ اليـــومِ رايـــاتٌ مشتّــتَـــةٌ
عروبـــةُ اليـــومِ لا لَـــوْنٌ ولا لـــقَبُ

" أبو رغـــالٍ " تهادى في مسالِكهـــا
و" العلْقمـــيُّ " لـــهُ الشّاراتُ والرُّتَبُ

فتحُ الفُتـــوحِ وهـذا السّيفُ يأكلُـــهُ
في غمدِهِ الصّدأُ المركومُ ، والخُطَبُ

عُرْبٌ ولكنْ إلى " نيويوركَ " قِبْلتُهـم
فيها-كما حسبوا - الأمجادُ والحسَبُ

زهْـــوُ الرّشيدِ بريـــقٌ في مباسمِهِـمْ
وقلبُهمْ لهـوى " نقفـــورَ " منتسِـــبُ

لو شعبُهـــمْ ردَّ عنْ أجفانِـــهِ وَسَـــناً
شـــدّوا عليهِ ، وثارَ الحقدُ والغضَـبُ

أمّا إذا " خيبرٌ " صبّتْ شــواظَ لظىً
تحرّفوا عن رباطِ الخيلِ ، وانسَحبوا

ماذا أعُـــدُّ - أبـــا تمّــامَ - مِنْ حُرَقي 
أخنَـــتْ على قومـــك الأيّام والنّوَبُ

أقلُّهـــا تذبـــحُ السّـــكّيـــنُ نخوتَهـــا
والسّيـــفُ مُعتقَـــلٌ والرّمــحُ مُنقَلِبُ
 

والخيلُ أغفَتْ على أوتادِها نســيَتْ
طعمَ الصّهيلِ ، فلا ضبْحٌ ولا جَلَـــبُ

عادتْ إلينـــا علــوجُ الرّومِ حاقِـــدَةً
وَجُنـــدُ قيصـــرَ تسْبينـــا وتسْتَــلِبُ

تسعـــون ألفـــاً مِنَ الأبـــواقِ نافخةٌ
لَمّا تَوسّـــطَ  " عمّوريّـــةَ "  اللَّهَـــبُ

ولو سمعْـــتَ ، لهمْ رعـــدٌ بلا مطَـــرٍ
وليتَهـــا أمطرَتْ منْ رعدِهمْ سُـحُبُ

وأغمضـــوا عينَهـــمْ عنْ كلِّ بارقَـــةٍ
لا الشّمسُ توقظُهمْ لا الرّيحُ لا الكُرَبُ

قلْتَ: "النِّزالَ "فما أصغتْ مسامعهم
وقلّبـــوا كتـــب التّنجيم وارتقبـــوا

سَعَوا إلى الرّاحَةِ الكُبرى كَما بَصُروا 
في مجلسِ الأمْـــنِ لا كَـــدٌّ ولا تعَبُ

في بابِـــهِ انتظـــروا نصْراً ومَكرُمَــةً
قالوا سَينضـــجُ فيهِ التّيـــنُ والعنَبُ

ماذا فعَلْنـــا ؟ أبـــا تمـــامَ قلْتَ لنا :
" الحزمُ يثني خُطوبَ الدّهرِ لا الخُطَبُ "

ماذا فعلْنـــا ؟ على التلْفــازِ تصلِبُنـــا
شراسَةُ الذّئـــبِ والحملانُ تُغتصَـبُ

ماذا فعلْنا ؟ على التلـــفازِ سهرَتُنـــا
نحسو الهمــومَ دَماً حيناً .. وَنَحْتَلِبُ

نشاهـــدُ الصّـــلَّ والأفعى تُصافِحُها
أيدٍ مِنَ العُرْب - شُلّتْ–وَشْمُها كذِبُ

نشاهـــدُ الأرزَ محطوماً على حَجَـــرٍ
والأمُ تزهـــقُ والأطفـــالُ واللُّعَــــبُ

أنّى التفـــتّ أرى الأشجـــارَ باكيـــة
والعشبَ في شَجَنٍ ، والزّهرَ ينتحِبُ

فهل ترى - يا أبــا تمّـــامَ - بارقـــةً ؟
ودربُنا في مَهَـــبِّ الرّيحِ مُنشَعِـبُ ؟

إلاّ الشّآم .. وَسَيْـــفٌ في الشّآمِ أبى
أنْ يسْـــرقَ القمرَ الورديَّ مُغتصِـــبُ

إلاّ الشآم .. جذورُ الشّمسِ في يدِها
تجاذِبُ الفجـــرَ والظلماءُ تصْطَخِبُ

إلاّ الشّـــآم .. أرى أحداقَهـــا ألَقــــــاً
وحُلْمُها منْ تُخومِ الصّحـــوِ يقْتــرِبُ

هلْ تحجُبُ الأملَ الْمرجوَّ داجيــةٌ ؟
" إنّ السّماءَ تُرجّى حينَ تحتجــبُ "
 

(  (  (
                     رضوان الحزواني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

انا للأرض بقلم الراقي مروان كوجر

 " أنا للأرض " كلما هممت ببوح حزني أخجلني قول ربي                                      وبشر الصابرين خجول النفس من صبر جفاها     ...