بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 أكتوبر 2020

الأستاذ والطالبة عنوان الحلقة: رحلة فرنسا الحلقة 19.....عبده داود

 الأستاذ والطالبة

عنوان الحلقة: رحلة فرنسا  

الحلقة 19

لم تكف عينا سميرة عن تساقط الدموع طيلة سفرة العودة من مدينة فاطمة إلى العاصمة لشبونة، كانت تبكي بصمت وتحاول إخفاء مشاعرها...وتلوم نفسها بشدة، لماذا سمحت لذاتها أن تعشق سمير، وهل يجوز أن تعذب سمير حبيبها بالانتظار الطويل؟ وكان عليها أن تأخذ القرار الصعب بأن تقطع علاقتها به، لا يجوز أن تتركه يتعذب وينتظر مدة خمسة عشر عاماً، وبعدها تحرمه من الخلفة، التي هي لا تريدها، بينما هو الأولاد كل مناه...

عندما دخلت غرفتها في السفينة كانت قد أخذت القرار الصعب وقررت أن تتناشف معه رويداً رويداً، حتى لا تكون قاسية وصادمة لحبيبها... والحقيقة  هي تفعل ما يعذبها هي، ويميت عشقها وسعادتها، ويجعلها تعيسة طيلة حياتها...

دخل طوني إلى غرفتها مما جعلها تمسح دموعها وتتظاهر بانها طبيعية...

قال طوني: بابا وماما ينتظراك كي تحتسين القهوة معهما على (التراس)  سطح السفينة...

سأل جوني سميرة إذا أسعدتها زيارة كنيسة فاطمة؟

جانيت  هي التي أجابت وقالت:  لا تزال الدموع تغرق عيناها من شدة تأثرها واعجابها بالمزار وحكايات الأطفال الثلاثة لوسيا وأبني عمها...

قال جوني: في هذه الحال أنصحك بزيارة كنيسة لورد في الجنوب الفرنسي، هناك ظهرت العذراء ام يسوع على الطفلة برناديت في ربيعها الرابع عشر، ما رأيكم أن تذهبوا براً إلى فرنسا وتزورا كنيسة لورد وتتابعوا الرحلة إلى باريس...

قالت سميرة ستكون رحلة العمر...

قال جوني: بعد غد ستصلنا قائمة الركاب المغادرين إلى أمريكا من الإدارة في باريس، وسنغادر، وأنتم وأشار بيده إلى زوجته وأبنه وسميرة ستذهبون إلى باريس غداً.

قالت جانيت رحلة البر متعه حقيقية لكنها متعبة... 

سأل جوني سميرة إذا كانت تجيد قيادة السيارات، قالت سميرة طبعاً، أنا مرخصة لقيادة مركبات كبيرة، مثل باص عمومي...أنا معاونة باص والدي وضحكت وبكت بذات الوقت.

  قال حسناً، غدا صباحا ستنطلقون...

في اليوم التالي، وصلت سيارة كبيرة إلى الميناء  وقفت بجانب سفينة الحب، وهي عبارة عن بيت فاخر ذو اسرة للنوم، ومطبخ، وحمام، وبراد وغسالة وكل ما يلزم من أدوات منزلية، وخزائن مليئة بالمعلبات الغذائية وكذلك البراد مليء بالمشروبات المختلفة...وخزان ماء كبير على ظهر السيارة  وصحن لاقط تلفزيوني، وخط انترنت... 

ودع المسافرون الجميع ونزلوا و نزل معهم موريس  أستاذ سميرة: وقال كلمة لا تزال تستعيدها سميرة بفرح: أنا غلبت نصف نساء العالم، لكن أنت تغلبت عليّ، كم أحسد سمير خطيبك على هذه الجوهرة الثمينة...

دخل الجميع إلى البيت العربة، واندهشوا بجمالها ثم أخذوا  يتجادلون أي طريق سيختارونها للرحلة الطويلة. وقال جوني هذه السيارة قوية وفاخرة ستسلمونها إلى شركتها في باريس.

  ثم فتح خرائط جغرافية وقال: علينا أن نختار الطرقات الأقصر، والأكثر اماناً، وقال سميرة ستساعد جانيت في الطرقات الواسعة السهلة، لأنها لم تتمرن بعد على القيادة في أوروبا...

وأضاف جوني يمكنكم أن تذهبوا شرقا إلى أندورا العاصمة. 

سألت سميرة اندورا هل هذه دولة؟ 

  قال موريس: دولة جميلة جدا، غنية جداً، صغيرة جداً، بل هي من الدول الستة الأصغر في العالم، وعدد سكانها لا يتجاوز المئة ألف نسمة. بلد قبلة عشاق السياحة... يزورها حوالي عشرة ملايين سائح سنوياً... 

قال جوني معلقاً، سترجعون في السيارة من حيث أتينا من برشلونة إلى لشبونة في البحر، والآن ستعودون من لشبونة إلى برشلونة بالبر. سترتاحون في أندورا العاصمة هذه الليلة وغدا تصعدون جبال البيرينيه إلى فرنسا...

سألت سميرة وما هي لغة هذه البلد الغريب التي لم أسمع عنها يوما؟ 

قالت جانيت: يتكلمون اللغة الكتالونية كلغة رسمية، إضافة إلى اللغة الاسبانية. 

وتابعت:صحيح أندورا جميلة بطبيعتها الخلابة لكنها لا تناسبنا كثيراَ، وخاصة صعوبة قيادة هذه العربة في جبال البيرنيه. الطريق الساحلي ربما هو أطول لكنه أمتع كثيرا وليس فيه تضاريس صعبة، البحر على يسارنا والجبال الخضراء الجميلة على يميننا إلى أن نقطع جبال البيرينه وندخل إلى فرنسا  ونزور لورد...

وهكذا بدأ المشوار على الطريق الساحلي... بالفعل البيت المتحرك متعة، يتوقف  المسافر في الأمكنة العديدة الآمنة للتخييم والتزود بالوقود والمأكولات التي يرغبها وغالباً ما توجد مدن على الطريق كما توجد محطات التزود بالوقود وأمكنة  استراحات ومطاعم ومحلات صغيرة كل ذلك من أجل الخدمات السياحية، الطرقات (اوتوستراد) الواسعة  المريحة تسير فيها السيارات بكل أمان ومتعة في قيادة المركبات الصغيرة والكبيرة على حد سواء. ويتمتع المسافرون برؤية المناطق الطبيعية الرائعة وشلالات المياه التي تبهج الانسان وتجعله يشكر خالق الكون بأريحية مطلقة...

كانت جانيت وسميرة يتبادلان القيادة بين المدينة والمدينة في  بونتفيدرا، في كورونيا، في جيجون، إلى أن وصلوا إلى بلباو عاصمة الإقليم الشمالي  بيسكاي الاسباني. وقرروا المبيت في الفندق حتى يرتاحوا،  ويستمتعوا بسهرة لطيفة، وحتى يتناولون  وجبة طعام معقولة غير الطعام المعلب السريع...

الذي حدث في الفندق رن  هاتف سميرة،  كان  سمير في غاية الانزعاج لماذا هاتف سميرة مغلق وقد انشغل باله كثيرا... 

سميرة في الحقيقة هي التي  أقفلت خطها ولا تريد من سمير أن يتصل بها لأنها قررت الانفصال عنه لقناعتها بأن الانفصال عنه سيكون في مصلحته هو، وسيدرك ذلك لاحقاَ، وسيشكرني وسيدرك: لأنني احبه هجرته. 

الذي جعلها تنسى كل قراراتها، وقرار القطيعة، لأن  سمير أكد لها بأنه  قادم إلى باريس ليكون معها طيلة فترة وجودها في عاصمة النور...

واحتارت ماذا تفعل الآن... ماذا تقول له؟ لا تحضر، أنا لا اريدك؟ وقلبها يتمنى أن تقابله ولو للحظات، ولن ترتوي لو بقيت معه طيلة العمر...

سمير في هاتفه جلب لها الأرق، وطوني في بلباو لم يكتفي من قصة واحدة حتى ينام... 

في اليوم التالي باكراً تابعوا الرحلة إلى فرنسا...

كتب الحلقة: عبده داود

إلى اللقاء في الحلقة 20

الحلقات السابقة تجدونها في المجموعة "رواياتي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

يا قمرا بقلم الراقية وفاء فواز

 ياقمراً .. دعني في عينيك  مُتعبةُ البوح أنا أتأبّط قلبي يلفّني الانتظار أمشي حافيةً على شفاه الصدفة ُأسابقُ الوعد على السطور علّني أجدُ وطن...