يُطاوِعني القصيدُ فلا أُجِيبُ
وترمِقُني النساءُ فلا أذوبُ
وتُبعِدُني صروفُ الدهرِ عنكم
صروفٌ لا مُرامَ بها يطيبُ
ويلفحُني سرابُ الطيفِ نارٌ
منَ الأشواقِ ما حلَّ الغروبُ
فأهربُ كي أُسَلِّي القلبَ عنها
فتهربُ أينَ أهربُ يا غريبُ
وتسألُني تركتَ الشعرَ عمْدًا ؟
وما لكَ عن سؤالي لا تُجيبُ!
أراك اليـومَ في صَدٍّ مُريبٍ
عنِ النظمِ الرحيبِ فما المُريبُ؟
مَـلأتَ الكـونَ بالأشعـارِ حُـبًّا
فأين الحُبُّ أضحى يا حبيبُ
لقد سَبَقَت خُطاك العُمرَ يومًا
نظمتَ الشعرَ فيهِ فهل تؤوبُ
وهل لك مِن إيابٍ مُستديمٍ
لعهدِ الحرفِ شمسٌ لا تغيبُ
فعُد ثمِّلْ رجالًا في قصيدٍ
وصُبَّ بهِ المُدامَةَ كي يذوبوا
و أُوصِفْ بالغواني الفاتناتِ
وفي الأوصافِ بالِغْ يا طَرَوبُ
وحكِّم بالقريضِ عقولَ قومٍ
تفشَّى الجهلَ فيهم يا أريبُ
وَسَطِّرْ بالحروفِ صدى القضايا
وصوِّبْ باليراعِ فقد تُصِيبُ
ولا تترك يدَ الأشرارِ تلهو
على وترِ الجرائمِ يا رقيبُ
وجرِّع إن أردتَ الخِسَّ منهم
حميمًا بالقريضِ لهُ دبيبُ
ولا تقنط إذا ما الشعرُ جافى
يصيبُ الحرفُ طوْرًا أو يخيبُ
لحـاكَ اللَّـهُ مِن واشٍ بليدٍ
حسِبتَ الشعرَ في عذْلٍ يطيبُ؟
ظننتَ الشعرَ مغروسًا كزهرٍ
بسطحِ الأرضِ يمسِكُهُ الكثيبُ؟
متى رُمْتَ النُضارَ قطفْتَ منهُ
لقد ساءت ظنونكَ يا غريبُ
ظننتَ وما أصبتَ بذاكَ حدسًا
وكلّ الحدسِ في الشعرا يخيبُ
فلا تحسبْ بأنَّ الشعرَ سردٌ
على ورقٍ يُحبِّرُهُ النجيبُ
لقولِ الشعرِ سِرٌّ في نفوسٍ
وسِرُّ النفسِ أن تصفو الدروبُ
فهذا الليلُ في كبَدٍ يُناجي
وذاكَ الصبحُ مُضطجِرٌ شَحُوبُ
و صبُّ الغيثِ -لا تعجبْ- بكاءٌ
وصوتُ الرعدِ -لو تعلم- نحيبُ
وذاك البحرُ قد ألِفَ الرزايا
وتلك الأرضُ ثكلاءٌ تلوبُ
فلا عُشبٌ يواسي القحلَ فيها
وريحُ الصَرِّ قد أمست تجوبُ
وأغرقُ في بحارِ الوهْمِ دهْرًا
وموجُ البحرِ مُصطفَقٌ رهيبُ
فأشرعتي تراخت و استكانت
وغابَ البدرُ وٱعتظَمَ المَصيبُ
يُمَزِّقني صدى الأوهامِ جورًا
على الخَشَباتِ علَّقني صليبُ
يُغازِلُني غُرابُ البينِ صُبحًا
وبومُ الشؤمِ ما حَلَّ الغروبُ
وترجِمُني المنايا دونَ حتفٍ
ويقتلني البقاءُ فما النصيبُ؟؟!
مِرايا الدارِ تُنكرني شحوبًا
صفاءُ الخدِّ عكِّرَهُ الشُحوبُ!
سوادُ الليلِ يسري في جفوني
ظلامٌ في ظلامٍ لا مَغيبُ
أراني العودُ والأوتارُ ضِلعي
وعزفُ النّايِ من قلبي يذوبُ
فلا تُغرر بلهوي إن لهيتُ
شجونُ الإنسِ في صدري تجوبُ
كذاك الشمسُ لا يغرُرْكَ ضوْها
ضياءُ الشمسِ -لو تدري- لهيبُ!
أخاطبني سُدىً والنفسُ تجفو
وفِكريَ من مقاليَ ذا وجيبُ:
يمُـرُّ العمرُ فـي سَلَـبٍ ويمضـي
بلا عـوْدٍ وأنـتَ بـهِ السليبُ!
زمانُكَ ينقضي والعُتمُ باقٍ
وربعُ القرنِ منكَ بدا يذوبُ
فأينَ وأينَ أنتَ أجب جنوني
حُمَيزةَ هل تراني يا طبيبُ!
أنا العقلُ الشَقيُّ أتوهُ فِكرًا
فهل لي من قوامِكَ ذا نصيبُ؟!
كحُبِّ المُبتلى جسدي وذاتي
طريقُ وصالِهِ وعِرٌ كثيبُ
"برِمتُ" أبا فُراتٍ مِن يراعي
كأن الحرفَ عن روحي جديبُ
كأن الروحَ قـد ظلّت تُناجي
وما للروحِ إن ناجَت مُجيبُ
سوى الجدرانِ بوحٌ من صداها
لهمسِ البوحِ في أذني دبيبُ
تُجيــبُ ومـا أُرِيـدُ لهـا جـوابًا
يُخيِّبُـنـي صـداهـا ما تُجيبُ
تُعيدُ البوحَ - إن ناجيتُ - نوحًا
يُعادُ إليِّ مِن بوحي نحيبُ!
فلا تعجبْ إذا ما الشعرُ ولَّى
يغيبُ الحرفُ إن نفسٌ تغيبُ
ولا تسأل فهل للشِّعرِ عوْدٌ
يطيبُ الحرفُ إن نفسٌ تطيبُ
يَراعُ الحقِّ مصحوبٌ بـ صِدقٍ
وصِدقُ القولِ نفـسٌ تستطيبُ
- حمزة جمعة
٢٠٢٥/٢/١٣
عدد الأبيات 50 ، من الوافر .
حقوق القصيدة محفوظةٌ هنا لدى الديوان👇🏻.
https://www.aldiwan.net/poem128462.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .