الْجُزْءُ السادسَ عشرَ والأخيرُ
مِنْ قصيدتي "رهينُ النَّكَباتِ"
الْمُكوَّنةِ مِنْ 400 رُباعيَّةً
376
طوبى لِمعْشَرِ الْحميرِ فلا
عيْنٌ لنا تَرْمِشُ مَهْما علا
مَكْرُ وَخُبْثُ حليفِ الْعِدى
حتى وإنْ هدَّدَنا أوْ طَغى
377
قدْ تَعْجَبونَ إنْ كَشَفْتُ لَكُمْ
بِأَنَّني حُرٌ أجلْ مِثْلَكُمْ
أُحِبُّكُمْ كذلِكُمْ وَطَني
وَلْيَلْعَنِ الرَّحمنُ مَنْ ذلَّكُمْ
378
أُولئِكَ الَّذينَ أكْبَرَهُمْ
ما هوَ إلّا الْحَقَّ أَحْقَرُهُمْ
أَصْغَرُهُمْ كما ترى جيفَةٌ
لِذا أنا الْحِمارُ أَكْرَهُهُمْ
379
ولا أُصَدِّقَنَّهُمْ أَبَدا
وَما أنا بِمُبْتَلٍ أَحدا
أنا حِمارٌ إِنَّما لمْ أَخُنْ
وَلَمْ أُبَذّرْ مالَكُمْ لُبَدا
380
أمّا إذا قاموا بِمُعْجِزَةِ
أوْ موقِفٍ حُرٍّ وَذي عِزَّةِ
أنا حمارٌ هلْ تَلومونَ مَنْ
عَقْلُهُ صغيرُ الْحَجْمِ كاللَّوْزةِ
381
قولوا بأنّي كاذِبٌ أشِرُ
وَأنَّكُمْ مِنْ زَمْزَمٍ أطْهَر
فليْحْكُمِ التَّاريخُ ما بيْنَنا
وَلْيَحْكُمِ الرَّبُّ متى نُحْشَرُ
382
حمارَنا الْعَزيزَ لا تَكْتَئِبْ
ولا تَخَفْ تَقْنط ولا تَنْتَحِبْ
دَعْهُمْ فَهُمْ في غَيِّهِمْ تُرِكوا
لِيَعْمَهوا فيهِ فلا تَرْتَعِبْ
383
هُمْ يعْرِفونَ أنَّهُمْ سَقَطوا
وَهُمْ إلى الأَرْذَلِ قدْ هَبَطوا
لمْ يبْقَ رجْسٌ لمْ يقوموا بِهِ
بلْ للْعِدى أَعْراضَهُمْ بَسَطوا
384
حِمارَنا يا صابِرًا دُلَّني
هلْ مِنْ خلاصٍ مِنْ أَسىً مَلَّني
أوْ مِنْ سبيلٍ لِغَدٍ مُشْرِقٍ
أَلا تَرى كَمْ حاكِمٍ ذَلَّني
385
أرْجوكَ قُلْ لي أَيْنَ إحْساسُهُمْ
بِعِزَّةٍ أمْ بانَ إفلاسُهُمْ
مِنْ شَرَفٍ كرامَةٍ ذِمَّةٍ
حتى جَرَتْ كالسَّيْلِ أرْجاسُهُمْ
386
يا صاحِبي أَظُنُّ قدْ تَعْجَبُ
إنْ قُلْتُ أيْضًا ذَلَّني الْعَرَبُ
حتى وَإنْ كُنتُ حِمارًا أنا
مِنْ ذُلِّكُمْ يُصيبُني نًصَبُ
387
حِمارَنا حَقًا أنا خَحِلُ
حقيقةً أنْتَ لنا مَثَلُ
إبْليسُ والْمُنْتِنُ كمْ سِخِرا
مِنْهُمْ وَلمْ تَرْمِشْ لكُمْ مُقَلُ
388
إبليسُ خَلَّف مَنْ مُسِخا
أَسْأَلُ مَنْ أَكْثَرُهُمْ وَسَخا
جميعُهُمْ نَعَمْ صَدَقْتَ أخي
حتى تَساوَوْا كُلُّهُمْ زَنَخا
389
يا وَيْلَهُمْ يَخْشَوْنَ شيْطانَهُمْ
هذا الّذي يحْتَلُّ أوْطانَهُمْ
رُعْبًا وَجُبْنًا وَغَدًا أرْضَهُمْ
ألا يُمَجِّدونَ كُهْانَهُمْ
390
مِنْ بَعْدِ أنْ شَرَوْا ضَمائِرَهُمْ
بَلْ فَقَدوا حتى بَصائِرَهُمْ
يا وَيْلَهُم قد لُعِنوا لَعْنَةً
تورِدُ في النّارِ مصائِرَهُمْ
391
حاوَلْتُ أنْ أُصَدِّقَ الْفِرْيَةَ
لَعَلَّهُمْ قدْ أَحْسَنوا النِّيَةَ
لمْ أسْتَطِعْ رُغمَ مُحاولَتي
وَرُغْمَ روحِيَ الْعُصامِيَّةَ
392
يا ليْتَ شكّي فَجْأةً يَخْتَفي
حتى بِعوْدِ وَعْيِكُمْ أَحْتفي
يا عُرْبُ قلْبي كادَ يَنْفَطِرُ
بِذُلِّنا هذا ألا نكْتَفي
394
يا زُعماءَ الْعُرْبِ فَلْتَخْجَلوا
أَيٌّ مِنَ الآثامِ لمْ تَفْعَلوا
لا عُذْرَ للْجُبْنِ وَللذِلَّةِ
مِنْ بَعْدِ حُكْمٍ ما الَّذي يُسْأَلُ
395
كَمِ احْتِلالٍ لمْ يَدُمْ حُكْمُهُ
وَمُسْتَبِدٍ لمْ يدُمْ ظُلْمُهُ
كيفَ يزولُ حُكْمُ ظالِمِكُمْ
إنْ كانَ كُلُّ الشَّعْبِ يَخْدِمُهُ
396
شعْبٌ وَحتى أمَّةٌ فَقَدَتْ
إحْساسَها وَعِزَّها وَأَدتْ
كَيْفَ تَعيشُ حيَّةً مَيْتَةٌ
مِنْ كُلِّ روحٍ وَيْلَها جَحِدَتْ
397
ملوكُكُمْ يا عُرْبُ أَقْذَرُكُمْ
حكامُكُمْ بالْمِثْلِ أحْقَرُكُمْ
والأُمراءُ لا وُجوهَ لَهُمْ
وَمِثْلُهُمْ أنْتُمْ وَأكْبَرُكُمْ
398
هيّا اسْمَعوا حديثَ أنْبائِكُمْ
حديثَ أَهْلِكُمْ وَأبْنائِكُمْ
أنْتُمْ عبيدُ حُكامِكُمْ
أنْتُمْ وَهُم عبيدُ أَعْدائِكُمْ
399
مُصيبَتي الْعِدى أَشِقّاؤُكُمْ
أمّا العِدى أَحِبّاؤُكُمْ
قوْمُ ثَمودَ عادَ ثانِيَةً
وَمِثْلُهُمْ عادٌ أَجِلّاؤُكُمْ
400
وُلِدْتُ في مَقْبَرَةٍ
للْعِدى
بَعْدَ لِقاءٍ مَعْ سُيوفِ الرَّدى
سُيوفِ خالِدٍ وَفُرْسانِهِ
مَنْ دائِمًا لَبّوا نِداءَ الْفِدى
د. أسامه مصاروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .