بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 ديسمبر 2024

حوار في زمن الوجع بقلم الراقي زياد دبور

 حِوارٌ في زَمَنِ الوَجَع

زياد دبور*


نَتَشارَكُ ذاتَ الهَواءِ

نَتَنَفَّسُ ذاتَ السَّماءِ

لَكِنَّ الفَرَقَ بَينَنا

مِقدارُ رَغيفٍ

أَو جُرعَةِ ماء


تَشرَأَبُّ عَينايَ نَحوَ السَّماءِ

فَأَرى نُجومَ اللَّيلِ تَبكي دَماً

يَتَقَطَّرُ في أَكوابِ السَّاهِرين

هُنا فَيلَسوفٌ يَرسُمُ خَرائِطَ العَتمَة

وَهُناكَ عائِلَةٌ تَفتَرِشُ جُغرافيا الظُّلمَة


في المَقهى يَجلِسُ الفَيلَسوفُ

تَتَراقَصُ أَمامَهُ الكَلِماتُ

كَفُقاعاتِ القَهوَةِ السَّوداءِ

يَغرِفُ مِن بَحرِ المَعنى

ما يَروي ظَمَأَ الوَرَقِ

وَعَلى الرَّصيفِ المُقابِلِ

يَغرِفُ الجائِعُ مِن بَحرِ الأَلَمِ

ما يَكفي لِيُغرِقَ العالَمَ


سيزيفُ الفُقَراءِ

يَدفَعُ صَخرَةَ الجوعِ

كُلَّ يَومٍ إِلى قِمَّةِ الحَياةِ

وَفي المَساءِ

تَتَدَحرَجُ أَحلامُهُ إِلى القاعِ

لِيَبدَأَ مِن جَديدٍ

صَباحَ الوَجَعِ اليَوميِّ


في أَحشاءِ الفُقَراءِ صَليلٌ

يُخرِسُ كُلَّ الفَلاسِفَةِ حينَ يَصيحُ

صَوتُ المَعِدَةِ الخاوِيَة

أَعلى مِن كُلِّ الخُطَبِ العالِيَة


في مَتاهَةِ المَدينَة

تَتَناثَرُ الأَسئِلَةُ كَأَوراقِ الخَريفِ:

هَل يَعرِفُ الفَيلَسوفُ طَعمَ الخُبزِ المُرّ؟

هَل جَرَّبَ النَّومَ عَلى سَريرِ الخَوف؟

هَل ذاقَ مَعنى أَن تَكونَ إنساناً

يَبحَثُ عَن وَطَنٍ في الهَواء؟


في خَيمَةِ النّازِحينَ

يَجلِسُ طِفلٌ يَرتَجِفُ

يَقرَأُ كِتاباً عَن الوُجودِ

ثُمَّ يَسأَلُ بِحَيرَةِ الحُكَماءِ:

"إِذا كانَ الوُجودُ يَسبِقُ الماهِيَّة

فَهَل الجوعُ يَسبِقُ الإِنسانِيَّة؟

وَإِذا كانَ التَّفكيرُ يُثبِتُ الوُجود

فَهَل يُثبِتُ الخُبزُ إِنسانِيَّتي؟"


الفَيلَسوفُ يَكتُبُ:

"في كُلِّ أَلَمٍ حِكمَة"


الجائِعُ يَصرُخُ:

"وَفي مَعِدَتي نارٌ تَلتَهِمُ الحِكمَة"


المُثَقَّفُ الواعي يَتَأَمَّلُ:

"بَينَ الحِكمَةِ وَالنّارِ

تولَدُ ثَورَةُ المَعرِفَةِ

حينَ يَصيرُ الأَلَمُ مُعَلِّماً

وَالجوعُ فَلسَفَة"


في مَدرَسَةِ الحَياةِ

يَقِفُ المُعَلِّمُ الأَوَّل:

الجوعُ يُعَلِّمُ الصَّبرَ

البَردُ يُعَلِّمُ التَّحَمُّلَ

الظُّلمُ يُعَلِّمُ الثَّورَةَ

الوَجَعُ يُعَلِّمُ القُوَّةَ

وَالحُلمُ يُعَلِّمُ المُستَحيل


في نِهايَةِ اللَّيلِ

يَلتَقي الفَيلَسوفُ وَالجائِعُ

عَلى مائِدَةِ الفَجرِ

يَقتَسِمانِ رَغيفَ الضَّوءِ

وَيَكتُبانِ مَعاً

فَلسَفَةً جَديدَةً

حِبرُها دُموعُ الفُقَراءِ

وَأَوراقُها خُبزُ الحِكمَةِ

وَكَلِماتُها صَرخاتُ الجِياعِ

تَرتَقي سُلَّمَ العَدالَةِ

نَحوَ فَجرٍ جَديدٍ

يَتَساوى فيهِ الخُبزُ وَالحِكمَة


تَسقُطُ الحَواجِزُ

بَينَ العَقلِ وَالجَسَدِ

وَيولَدُ إِنسانٌ جَديدٌ

يَحمِلُ في يَدٍ كِتابَ الحِكمَةِ

وَفي الأُخرى رَغيفَ الكَرامَة


*. © زياد دبور ٢٠٢٤

جميع الحقوق محفوظة للكاتب

إليك أكتب بقلم الراقي ماري العميري

 إليك أكتب 

كيف أُخبرك 

بمداد ذارف المدامع

تناثر فيضه على أوراقي

أطأ بلا أجنحة 

أتكئ على ميس هش.. 

يراود مسمعي ضجيج الصمت

بمنائي الأبدية 

ذبيحة الدقائق 

كملامح الأوقات.. شاردة .. 

أحلامي صرعى

لا امتداد لخيوط الحلم 

على وسائد باردة بأطياف المآب

يموت الشوق بلا وداع

تتكسر على شفاه الوحدة 

تباريح الصدى

مُغَمّسَة في زعفران الغياب..

مراقي الروح في أفق الهوى 

كأطياف منهكة

تتسلق رؤى باهتة 

كشمس غيبتها أسرار معتمة

افقٌ ساكن ... بلا رياح

امسيت شجرة جرداء غامضة 

تتوارى خلفَ الشجون 

تُمَني الأسى

أن يلبسها ثوب البهجة.. 

مهووسة... 

مصابة انا بظلالك

جفوني والدمع المتساقط

شفيع تبتلاتي  

ضجر المسافات... 

تلاحق خطواتي.. 

حقائبي مفرغة 

من الدفء وحفاوة العطور 

وأمضي كالغريب

خَلَّدَتْ ذكراه مدن حزينة

انحَرَفَ خريفي عن مسار الفصول

تَلَبَسَهُ ندف غيم الداكنة

استوطنت خافق القلب

فيغمرني رذاذ غيث 

يعتلي نواصي آفاق بعيدة..

يرتد الصمت 

ثرثرات بلا النهايات

تُحَلِق ...  

وشيكة الوثوب 

على سحابة بيضاء

فيغمرني استحضارك

أطيافا من خابيات ذاكرتي

نبض يضج

وماضٍ حزين


ماري العميري

سنن السماء بقلم الراقي علاء فتحي همام

 ُسُنن السماء/ ألقت الشمس بأشعتها ضاربة طريق نور يَشق النهر وله يَزور وهو طريق عريق ولعذوبة الماء صَديق وكأنه أمير أنيق ويعلوه بَريق وأول الطريق ماء النهر القريب من الشمس وأخره ضفةالنهر الأخرى والطريق ذهبي اللون والنهر ساكن سُكون الكون وقزعات لونها داكن في السماء بجوار الشمس وحديثها كأنه همس تنصت له وتنعم به الشمس ولذاك الطريق روعةوكأنه تشريفة تَعبر منه ملكة عفيفة وتاجها لونه ذهبي وطلعه بَهي وعند عبور الملكة لهذا الطريق تَغرب إلى قصرها العتيق ويَغرب معها التاج المُطرز بالعاج وتَدخل إلى قصرها وروعته ودَِقة صنعته فالملكة بحق هي والليل له أحكام فهو يُطبق وثاقه على الدنيا بإحكام وبعد الفجر ترتدي الملكة تاجها الذهبي وتبدأ إشراقها النقي مرتدية جلباب أشعتها وهي في كامل قوتها وعند الغروب يَعود طريق النور الذهبي ضاربا طريقاً بين ضفتي النهر التقي وتستعد الملكة بهدوئها للعبور ووجهها يُشع نور ثم تَختفي هي وروعة الطريق عند قصرها العتيق والحقيقة أن الطريق نور من نُورها ويرحل برحيلها وتنادت الشمس والنور بأنهما والماء من السُنن التي أقسمت بها السماء ،،

كلمات وبقلم/ علاء فتحي همام ،،

أنا وأنت بقلم الراقي الطيب عامر

 أنا و أنت مثل بداية السنة و نهايتها ...

يومان هما يوم واحد ...

بيننا أيام محكمة الحب ...

و أخرى متشابهات ....

لا يتبع الورد إلا ما تشابه منها ...

يؤولها كما يشاء ....

و يحملها على كل محمل من شهد ...

غير آبه باحتجاج الفصول ....


يخبئها بين رياح و مطر الشتاء ....

و يوصي بها الخريف حنينا ....

و لا يشرك في سرها إلا زهو الربيع ...

و يسترق لها من عناد الصيف مد البحر 

و جزره و فضول النوارس ...

و يحكي للساحل عن أطوارها ليستفز 

إعجاب المرافئ ..


أما قلبي الراسخ في النبض بك ...

فيقول ... أحبها كلها ....

و أحب خيرك فيها المعقود على جبينك ...

كلها أيام من بنات سنينك ....


الطيب عامر/ الجزائر...

وداع عام حالم بقلم الراقية علياء غربال

 *وداع عام حالم*

قبل رحيل العام

أبعثر أوراق العشق 

على شجر التوت البري

أبحث عن حلم لم يتحقق 

وعن شمس حبلى بالنور

تتوارى وراء غمام الأمس و لا تشرق

أبحث عن كلمة عصيّة

ترفل في حفل الأبجدية بغرور

وتتأنّق بحروف لا تنطق


قبل رحيل العام 

أراود نفسي عن أمسي 

علّ أبواب الحب لا تُغلق

وشرفات الغياب تطل 

على حدائق الشوق

 وتتبلل برضاب الغسق المعتّق

فأحتسي الأمل من كأس اليأس 

وتكتسي فصولي حلل الغزل وتشهق 


قبل رحيل العام 

أقف على ناصية الخوف والقلق

وفي حقيبتي رسالتي 

المعطرة بالرياحين والزنبق

المطر يواعدني في حديقة الحياةِ 

وغدي ينتظر على مقعد مشرق

سأرتشف العمر قطرات من الأمنياتِ 

وأودّع العام بقبلات عشق

على وجنات حلم في قلب الأيام يخفق

د. علياء غربال (تونس)

كوني مدرسة بقلم الراقي عماد فاضل

 كوني مدْرسةً


صلاحنا بصلاح الأمِّ ملْتحمٌ

والبيْتُ منْ دونها بيْتُ عمْيانِ

منْ تحْت أقْدامها الجنّاتُ دانية

 أوْصى بها اللّهُ في ذكْرٍ وقرْآنِ         

أمّّ إذا صلحتْ طاب المكان بها

وأنْجبتْ منْ صلْبها أخْيار فرْسانِ

كأنّهمْ شُهُبٌ بالنّور شارقة

أوْ نسْمةٌٍ قدْ شَذتْ منْ عود ريحانِ

وإنْ هي اخْتلّ ميزان الحياة بها

فرحْمة اللّه على البنْيان والباني

يا بنْت حوّاء كوني في الورى قبسًا

كوني مدْرسةً في العالمِ الفانِي

أمٌّ ترى مرْيم العذْراء قُدْوَتها

فتقْطعُ الحبٍلَ عنْ عاصٍ وشيْطانِ


بقلمي : عماد فاضل (س . ح)

البلد : الجزائر

على أطلال القرى المنسية بقلم الراقي عماد نصر

 على أطلال القرى المنسية ( فلسطين )


على تلك الحقول التي سكنت الصمت

حيث كان الهواء يرقص فوق السنابل

كانت صفورية تصحو كل صباحٍ

على نبض الأرضِ ، و الندى يتوهج في خجلٍ

و عيون الصغار تسرح في أفقٍ

لم يكن يعلم أن الغدَ سيحرقه .


-----


الطنطورة تسابق الريحَ في الحقول

تشبك الأيدي مع جدرانٍ قديمة

تغزل الأحلام بخيوط شمس المغيب

ثم جاء الليلُ بثوب الغياب

ليأخذ الأرض إلى منفاهُ الأخير .

-----


في عيلبون كان العرسُ يحاكي السماء

و كانت الأغاني تعانق الزيتون

لكن الرصاصَ غيّر النغمةَ

و حوّلَ الأرضَ إلى قبرٍ ينتظر الزائرين .

-----


الدوايمة ... حيث النهرُ كان يروي

حكايات الأمهات لأطفالٍ ينمون كالحقل

أتى الجنودُ فجأةً

فسقط الحلمُ قبل أن يُغنى .

-----


قاقون كانت تتسلل في الليل

لتسافر بين النجوم

و الأرض هناك كانت تحفظ أسماء الأجيال

لكن البارودَ شقَّ الصمتَ

فهربت القرى نحو الغياب .

-----


إجزم ، كفر لام ، عين غزال

أين مضت هذه القرى ؟

من ينبت اليوم زيتونَ ذكراها ؟

في الهواء تسكن أرواحٌ

لم ترحل رغم هدير الدبابات

في الأرض تكمن بذورٌ لا تموت

تحمل ذكرى الجيل الذي عاش و مضى .

-----


مجدل كانت نجمة البحر

و الأفق كان مرفأً للأحلام

ثم جاء العابرون بالحديد و النار

فلم يبقَ من المجد إلا الحطام .

-----


بيت نبالا ، اللجون ، برير

أسماءٌ تراود ذاكرتي

كأنها تهرب من الفقد

كأنها تحيا في أغنيةٍ لم تكتمل .

-----


و على أطلال البصة و الزرنوقة

تغني الريح نشيدَ العابرين

لكن الأرضَ تردُّ في كل مرةٍ :

" أنا هنا ، و لن أموت " .

-----


هذه القرى التي نامت تحت التراب

تسكن الآن في قلب القصيدة

و تحيا في حلمِ العائدين

تحملنا إلى زمنٍ كان فيه الغدُ أفقًا مفتوحًا

قبل أن يأتي الاحتلال ليغلق كل باب .

-----


في دير ياسين

تسكن الأرواح في الساحات

كل حجرٍ هناك يحمل قصةً

كل نسمةٍ تخبر عن وجعٍ قديمٍ

و نشيدٍ لم يُغنَّ بعد .

-----


هكذا تُروى القرى

بالأسماء ، بالحجارة ، بالألم

و يبقى السؤالُ على شفاه الريح :

متى يعود الحلمُ إلى هذه الأرض ؟ .


عماد نصر

حكايات عمر بقلم الراقية سعاد شباح

 حكايات عمر من هناك من شذا الخرنوب المترع بالفرح من أزاهير تنبت ما بين أحجار و صخر من هناك أنا و أنت و هن آتيات مثلما تأتي الغيوم و المطر نس...