بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 يوليو 2021

كسوف الأرض .. بقلم الشاعر: علاء العتابي

 


كسوف الأرض .....

كاملة 

الجزء الأول 


بعد أن تدمرت فرقتهِ العسكريه بحرب ضروس لا رابح فيها، وقع مغشيا عليه بعد أن ارهقته سهر الليالي الست.

أستيقظ مرتعبًا خائفًا من صوت المدافع التي أثقلت سمعه المتهالك...


بدآ بسحب جسده من بين رفاة أصدقائهِ، وجثثا لم يعرفها! حسبها جثث العدو، وتبين له بعد حين أنها أجساد رفاق كتيبته قد شوهت نيران المدافع وجوههم .....

يرفع رأسه مرةً و يخفضها مرةً اخرى خوفا من مترصد ا قد يرصده!! او متربصًا قد يتبعه

بقى ساكنًا محِله طيلة ساعات ذاك اليوم العصيب، صامتًاً لا يسمع فيها  شي، فلم تبقى الحرب على أي نفسًا قد يحسبها ألا نفسه. كأن الحرب قتلت الطير معها

حال وقوع الشمس في مغربها وبعد أن تيقن انه لا ناجياً اليوم.

رفع جسده ببطء ، متحسس أجزاء مِن جسمه بحذر  شديد وخوف من جرحًا لا يتحسسه . آو نزيفًا لا يؤلمه...

زحف ببطء بعيدًا عن موقعه.....

 كطفل فر خوفًا ما قد آلم به....

لا يعرف أين يذهب، أو إي جهة يقصد!!!

فقد افسدت المعركة بوصلة عقله.....

وهو في خضم هذا التفكير ، قدماه تبحران به الى مكانًا مجهول... فلا صديقاً يهرب اليه، او ملجأ يحميه

يبتعد قليل قليلا ، يلتفت شمالًا ثم يمينًا ،فلم يعد يبصر رفاة رفاقه ، ولا أليات فرقته ، لا يرى الا دخانها يتصاعد بالافق.

أمست قدماه لا تساعدانه على السير، تترعشان خوفًا و ترتجفان جوعًا . يتوكأ على قدمه الثالثة.

أقبل عليه الليل فصار البدر دليله، كاشفًا له عورات الأرض . دليلًا غداراً !! فلأ صديقًا يعتمد عليه اليوم.

أخذ يتخفى بين الاحراش، وهو في خضم التستر والتخفي

أبصرت عيناه بصيصًا من الضوء يسير في مسار تعرجه.

فتبسمرت ساقاه خوفًا من القادم، كأن شيئا ما الصقها بلوح خشبي عتيق، كمسمارُ دق في بابًا موصوده. 

ما هذا الضوء!!!!

 لربما عدوًا قادم نحوه، أمً مقاتلًا ضائعًا مثله.

قد يكون سرابا!!!! لا: وهل هناك سرابًا يظهر ليلًا ...

قد تكون كون لهيب إسقاطه ما!!! لا: الحرب أصبحت خلفي!!!

أخذ يتمعن مصدر الضوء جيدا!!!! 

إنها ليست ضياء فانوس لمخيم مراقبه، ولا شعاع كاشف من نقطة رصد ! ولا كاشف عجله حرب

الضوء ساكن مكانه، ولكنه يضعف ويقوى!!!!!

ساسير نحوه.....

 خطوة تدفعه إلى الأمام وخطوة توقفه، خطوات فخطوات لعل بها طريق نجاة.

ضوء يسبق الصوت، ضوءً اصم، مالي لا أسمع أي شي بأذني ! حتى خطواتي غير مسموعه. 

فصوت دوي المدافع ما زال يطرق اذني!!!!!

أصبح الضوء قريبًا .....

أصبح الضوء واضحًا.....

ولكن هناك أشياء تقطع ناظري 

لا لا ذهب الضياء، لالا قد رجع الضياء، لا انحَجَب الضياء مرة اخرى 

ماهذا، مالذي يحدث؟

كأنهم أشخاصًا يحجبون الضوء!!!!!!

أشخاصًا يدورون حول الضوء...

لا ليس باشخاص آنها أشباح غير مرئية !!!!

لا أنها أرواح الموتى تلاحقني 

لا أنهم الأعداء انهم الأعداء

شخصا ما يركض نحوي

بل أشخاص يركضون

هناك شيئا يدوس على قدمي

أبتعدوا عني..... أبتعدوا عني!!

لا لا اتركوني !!

سقط مغشيا عليه!!!!!!

 وقع أقدام تسير فوق جسدي بدأت تصحيني

لا ارى النور ، أين ذهب 

مازالت الاقدام تطوف حولي

الخوف اسكنني مكاني 

لا أستطيع أن أرفع جسدي، أشياءً تجثوا فوق صدري

أشخاص كانهم نائمون جنبي

أشخاص لا يتكلمون ولكن يتحركون

هل أسير بقبري؟

أرى الضياء مره اخرى 

أقترب الضوء من عيني

أنهض يا هذا.......

من أنتم !!!!


 

الجزء الثاني


مازالت تلك الأصوات المرعبة تقلقني ، سبعة ايام ودوي المدافع لا يغادر مخيلتي ....

 رعبًا ما بعده رعب....

وخوفًا يتلوه الخوف.....

لم يسلم من صوتها شيء ، حتى أغنامنا لا يفارقها الخوف!!!

فمنذُ ليلة الأمسِ إزدادت دويها

 شتت طرقها المتواصل تناغم أغنامي ، بعضهن يلففن حولي خوفا، كنحلات أحاطت ملكتهن 

والأخريات هربن فلا أستطيع أبصارهن ، ظلام الليل يكشف الانوار 

قد أصيب بقذيفة إذا ما أبقيت على شعلتي متوهجة!!

لا .. لا يمكنهم أبصارنا فارض المعركه تبعد عنا عشرات الكيلومترات!!!! 

فما زلت في هذا المكان منذُ يومين ولم يمر بنا حد 

فنحنُ في عزلةُ تامهً عن العالم المادي

صناع الحروب لا يسلم من أيديهم شي 

سكتت صوت المدافع 

حل السكون في المنطقه 

هل أصبح السلام متاحًا ؟

سكون صامت . سكون مخيف

دوي المدافع إسكن كل شي 

حتى شِيَاهي صمتت، لم تعد ترتعد خوفًا 

ضللت طريقي،الهدوء يخيم علينا

لعل شِيَاهي تهدينا طريق القريه

شعلتي مازالت متوهجه

ها قد بدأت غنماتي تعاود طريقها صوبنا 

تحسسني بدفئ العائله، فما احلاها حياة الريف 

أرى شخصًا من بعيد، يتوارى بين الاحراش

هل خيال رجل ، أم أنه شاخص تحركة الرياح

أو قد يكون راعيًا فقد رعيته!!

أو لعله مستطرقاً ضَل طريقة.......

يا هذا يا هذا: هل تسمعنا؟

أنظر صوبنا!!!!!

سالوح له بالشعلة لعلها ترشده الينا

ما هذا ! اين هو ؟ اين اختفى؟ 

هل كان خيالًا ، أم نسيج خيال 

لعلي أرهقت !!

 المرعى أرهقني !

بدأ يعاود الظهور مره ثانية 

بدت ملامحه تطفو فوق ظلمة الليل 

كأني ارى زي مقاتل قادم نحونا!!!

وهل الحرب تترك ناجيا هذه الايام؟

يا شِيٓاهي لا تسدو الطريق حولي 

قد أسقط شعلتنا 

أنها دليلنا في هذا اليوم الأصم 

لماذا يتوارى بين أغصان النباتات 

يبدو أنه خائف منا!!

لعل كثرتنا ترعبه......ها قد اقتربنا منه .

ما هذا ما هذا؟......وقع مغشيا عليه!

انه حطام جندي...

لا تخف لا تخف! أنا هنا لنجدتك!!

أصحى يا هذا......


الجزء الثالث


أتخبرني من أنت 

هل نجوت من تلك المحرقه؟

وكم أنتم الناجين ؟

اني أراك وحيدا!!

من ...من أنتم بخوف شديد من جواب قد يرعبه، وابعدوا عني لهيب هذه الشعله 

لا تخف فأنا راعية الاغنام في هذه البقعه

راعيه اغنام في منتصف الليل !!!

لا: فقد بزغ الفجر 

نعم راعية الاغنام

فاين كلبك، لا اسمع نباحه إذًا أنت راعية

الاعداء قتلو كلابنا، فقد ارعبتهم صوت نباحها 

حتى أصبح نباحها أشد وطأة عليهم من وقع صوت المدافعُ

فمن يحمي قطيعك إذًا كنت راعية؟

هذا الكبش الجاثي على صدرك هو حامينا

فقد أخذ دور الكلب بعد أن أحس عوزنا لمن يحمينا......

وهذه الشياه اللاتي تحيطن بك مِن كل جانب تتبعه حيثما ذهب. فهن كظل الشيء للشمسِ

ألا تخبريه أن يبتعد عن صدري، قائمتيه اوقفت دقات قلبي!!!!

جلس بعد أن وسع مكان جلوسه 

احس بالأمان وهو يشم رائحة الاغنام

كيف ترعين في هذا المكان الخطر

هذه أرضًا ، ترعى فيها اغنامنا سنين طويله ولكن شائت الاقدار ان تكون ارض الحرام

أين أهلك ؟

تحكي والدموع تابى توقفًا!!!!

أبي وأعمامي وأخواني سيق بهم للمعركة غصبًا !!!ومن تبقى منهم مقاومًا غطرستهم، قتلهم الاعداء 

كلما تشتد المعارك أقتربت أنا وأمي وخواتي من أرض الحرام لعلي أرى أبي أو أحد أخوتي جريحا كي اسعفه او ميتًا وادفنه....

يبكي معها والدموع يسكبها على لحيته آلتي غزاها شيب القهر والحزن على وطنه الجريح...

أنا أبي وأمي يرجوا رجوعي أليهما سالمًا ، يمنعني كل مرة من الألتحاق ألى أرض المعركه وأمي تخضب قدمي بحناء شعرها داعية لي بسلامة العودة.

فاقول لهما: أرجع محمولًا على نعشي افضل من مشنوق أمام أعينيكم عند عتبة دارنا، فلأ تستطعون بكاءً ولا نحيبًا. ولن تجدي أخت تشق لكِ ثوبًا ولأ آم تخرط لكِ خدًا وتحضنك.

كفى دموعًا ... كفى حزنًا....

ستبزغ الشمس عمًا قريب.....

فأنت ألان بين عدوين!!!!!

عدوًا يتربص بك ليقتلك.... وصديقًا ينتظر رجوعك فيعدمك. 


دعني أعمل لوحًا تجره الأغنام وأغطيك بصوفها.

هيا معي أخفيك عن العيون في مزرعتنا الى أن تنتهي المعركه و تتهيكل فرق الجيش لتعاود التحاقك نادمًا على بقائك هنا حيا 

ومنها تفرح أمي و أخواتي مِن عائدًا من أرض المعركه فيعطيهم الأمل بعودة الأحباب.

فأمي و أمك يشاطرن نفس الوجع.

فالأرض أصبحت سوداء من ظلم البشر


علاء العتابي

الولايات المتحدة الاميركية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

قوقعة الغشاوة بقلم الراقية سهاد حقي الأعرجي

 ......قوقعة الغشاوة.....  قوقعة... نعيش بأعماق ندفن بإرادتنا داخل بئر... أسود القلب بنيناه بأناملنا وكأننا مغيبون نشاطره القبح...  وسفك قار...