سباعية نزيف الملح
سألتني أمي
يومها عن ثمن الدفتر ..
ما هذا السؤال أمي
فأنا لم أعد أتذكر .. !!!
أعادت السؤال
سألتك بني ثمن الدفتر
فلا تجعل السؤال
لمزاجك أن يتعكر
سؤال جوابه يهمني
مدى الحياة و أكثر
فأجبني بني
فلا شيء تخسر ..
أجبتك أمي
فأنا لم أعد أتذكر .. !!!
أتساءل أحيانا بل كثيرا لِمَا لا نجيب بعض الأسئلة و نظنها بسيطة لا تستدعي و نمضي هكذا في حياتنا و لا نلتفت إلا إذا اسشعرنا هزة تحت أقدامنا لنعود التفاتا لكل تلك الجزيئات عظمة جوفاء منا نسميها ... بعد فوات الأوان .. !!!
سألتك بني
لما لا تجيب .. !!!
سمعت عن شاعر
ذكرها أحد قصائده
هي قصة أب
له ثمانية أطفال
و تاسعهم بعد صيف ..
صدح بها العالم
كل الألسن
و عنها حماسه
ما تلكأ و لا فتر ..
شاعر ترعرع أرضا
بعرق الزيتون
و نكهة الزعتر .. !!!
لماذا حتى نفتقد أو نفقد شيئا ما .. شخصا ما .. لنركن الهدوء تأملا ما عصف به خللنا و ضعفنا في تخلِّينا الرسن الخيول هواها .. ألم نكن قادرين على التنصل من ذلك القابع فينا .. ألم يحن الحين لنعلنها هدوء على ثورات طواحين هوانا .. ألا نهتدي كل هذه الأزمنة كون أكبر الجهاد و أعظمه جهاد النفس .. نحارب إلا أنفسنا و كلٌّ مؤجل لما بعدها .. !!!
ألا تعرف الشاعر
القصيدة ، رائحة الحجر
و لا ثمن الدفتر
غريب بني
غريب هو الأمر .. !!!
أجبتك أمي
فقدت الذاكرة
فأنا لم أعد أتذكر ..
فقدت التفكير
و لم أعد أفتكر
و لا أنا أتفكر
لم أعد أفرق
بين الحجر ، الصخر ،
و لا النوم و معه السهر
فأنا لم أعد أتذكر .. !!!
هل تسعة أشهر كافية لتجعل منا عشاقا للظلام ناشدين فيه فقدان كل شيء حتى هوياتنا كأننا ننطلق من هبوطنا الثاني طردا .. نخرج للدنيا مسبوقي السواد و السوداوية نعشق جمع الصور المحروقة و لا نستلذ و نتلذذ إلا ما ينضج على النار .. لزاما أن نستنشق عبير ما نخبئه لاشعورنا من فحم تنورنا .. لزاما أن نشعلها نارا واضحة النهار .. !!!
ما عاهدت
و ما لمست فيك
فَقْد الهوية ..
سألتك بني
ثمن الدفتر
و شاعرا بلاد الزعتر .. !!!
أمي ما عاد
يستهويني لا القلم
و لا الدفتر و ما يُسطَّر
بعت ذاكرتي و لا أكثر
ماذا بعد الذاكرة أمي ..
لا شيء يذكر ؟
اقترب أجلي بني
حاولت إخبارك
كون القصيدة تحييني
تحيي فيَ
كل مقالع الضجر ..
أملت يوما
إن كتبتَ قصيدة
اختمها من أجلي :
( من أجل دراستي
من أجل الدفتر
أنطق أبي
جميع المقالع
حجرا تلو الحجر ) .. !!!
نعيش على الهامش و ليس هناك قوة تفوق الجبروت الذي يشكلنا و نختار طواعية هامش الحياة كأننا أدمنا ( اللامعني ) غير معنيين نقدمها على طبق من ذهب لكل الخونة و مرتزقة الدماء و نبكيها كالنساء .. عبث هو إن بررنا انقراضنا و نحن على قيد الحياة نرتزق مكتسباتنا .. !!!
لماذا بني
كلما نظرت إليك
أبكي ..
ما يضنيك مهجتي .. !!!
ما يبكيك داخلك
أراه أنا .. مضببا ..
و معه كلما بكى
أبكيك .. أنا .. و أبكيه .. !!!
آه يا كبدي
آه يا مهجتي
آه يا سرا تَركةَ أبيه ..
متُّ يوم مات والدك
و أنا راحلة .. الآن ..
طريق السفر
أملي أن أكرر
حياتي مرات
و أكثر ..
لن أمل أبدا
يا لقبي و لقب أبيه
يا عبق الزعتر
يا قلبا أضناه الشجن ..
هل صحيح بني
أن الأم
أوطان في وطن .. !!!
مركون كمركبة خرافية عتبة الزمن .. ظلالي تمشي حدود الأوطان أرصفة .. كل رياح الغدر و أدخنة اللامعنى عصفت بي .. كل لحظة في صيرورة بلهاء تتمايل ثمالة عجلت صدأ أطرافي .. قابع اللاجدوى أفترش سهادي و كلما استنهضت عزائمي خانتني جادة النظر و تنكرت لي مسامعي عند النزول الأرصفة .. كل شارات المرور مختومة المنع لا شارع يفسح مجالا لآخر و الحظر آيل لحظر .. كلٌّ حبيس الزمن و لا أحكام صدرت و لا قضايا مطروحة العرض .. !!!
أماه ..
أنت كل المواطنين
أنت وطن
سكنه كل مواطن ..
أنت الموطن
أنت الروح
و ما تحمله المواطنة ..
أنت الحكم الذي يخشاه
و يتحاشاه الكل و لا ملامة ..
أنت القسم
الذي يندى له الجبين
موسم هطول المكاشفة ..
أنت دَيْنُ الكون على البشرية
و لا سَجَّل التاريخ
أنك استخلصتِ أحدا إياه
و لو مقايضة ..
كرمك
حلمك
رحمتك
فيض من الرحمان
أسماؤه الفياضة ..
و تسألين أماه
أنت سفينة النجاة
بكل الطاقم
لك فيها وحدك
كل البركة ..
بدعواتك
تسلم كل قوارب النجاة
.. رضاك .. سلامة القيادة .. !!!
آه يا كبدي
لم أعد أراك
لم أعد أرى فيك صبيا
كنته بالأمس
كبرت سريعا
و سريعا هرمت ..
آه لو كان بودي
لمنعت عنك فعل النمو
و لجعلتك تحبو
و قربي تلهو
ما أشقاك بني .. !!!
طريح الثقل .. كأني لوحدي أتحمل مسؤولية الناتج عن محيط فراغنا و كل الهواء نازل بخفائه كاتم فيَ تطلع الرؤية .. لا أعلو طموحي .. كل ما تبقى لدي بعض من هواني و أقلام بدون مداد .. أكتب ما تبقى من خيباتي حائط الزمن إن هو لم يفقد الذاكرة بعد .. كما في عصر النهضة عندما قعدنا مرتين لنبعث رمادنا .. من يومها و نحن قعود حتى تجذرت أجسامنا و لا مخرج .. تنكر لنا الزمن فاقدا فينا الذاكرة عنوة .. حتى البستاني تنكر لنا و لم يجارينا و يقتص جذورا تطاولتنا إلى تربة ليست من دمنا .. صرنا كالغراب غريب في نهجه الدخيل .. !!!
ذلك الذي كنته
إن لم تخني وقتها
.. ( الذاكرة ) ..
عاد يستجمع فيَ شتاته ..
ذاك الذي اقتحم كل القلاع
و أسقط القناع
تلو القناع .. عن الوجوه ..
السافرة ..
هو الذي أقنع القمر
نزولا رغبة المجازفة
و تخلى عنه
عند أول مقصلة ..
بكى عليه
عاش ميتا كمدا ..
أنا ذلك المستنسخ
من بقايا الحكايا
لا أخجل
و لن أداري خجلي
و أعلى ما في التاريخ
يركبه التَّأْرِيخ
صهوة الأسطورة .. !!!
أماه ..
هل يكفينا زعيم أزلي
وطن وفي ، شعب أبي .. !!!
يلزمنا .. بني ..
معجزة سخية
ترفعنا كوكبا آخر
حيث لا مآسي ..
بني .. نعيش الآتي
أما ما بعده
لن نكون ليأتي .. !!!
بديهي كون الزلزال فعل القدر .. مقدر .. و إذا حاولنا اختلاق شروط افتعاله .. فلنراعي نوعية الأرضية التي تحتضننا و كذا سلم قوته فلربما بداية الهزة معسكرنا .. أتأمل أنا و السهاد ما كتبت .. أنتبه سهوا .. كوني أعيش و لا أعلم منذ متى .. أني اتنفس من دون نبض .. رميت بدوري الذاكرة و وضعت آلامي المزاد و صرت أنادي فيَ كل خلاياي الغادرة واحدة تلو الأخرى ... من يشتري منكن قطع غيار آلاما تستنهض همم التفكير آخر طلقة الذخيرة .. !!!
مصطفى سليمان / المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .