( الخِلُّ الوَفِي )
وإذَا الصَّدِيقُ جَفَاكَ يَومَ رَزِيئَةٍ
لَمْ تَجْنِ مِنهُ سِوَى جُحُودٍ لِلْوَفَا
وقَلَاكَ فِي أَدْهَى الظُّرُوفِ مَرَارَةً
ما شَالَ هَمَّاً فِي لُقَاكَ ... وأَلحَفَا
ورَأَى صُرُوفَ الدَّهْرِ كَيفَ تَقَلَّبَتْ
وغَدَوْتَ مَكْلُومَاً .... كَلِيلاً نازِفَا
نَزَلَتْ بِسَاحَتِكَ المَنُونُ ورَيْبُهَا
فَأَشَاحَ وجْهَاً عَنْ مُصَابِكَ مُتْرَفَا
كانَتْ جُرُوحُكَ لا تَهُزُّ مَشَاعِرَاً
ما حَرَّكَت قَلبَاً لَهُ ..... وعَوَاطِفَا
فَاتْرُكْ مَكَانَاً كانَ فِيهِ مُحَبَّبَاً
واهْجُرْهُ ..... لا تُكْثِرْ عَلَيهِ تَأَسُّفَا
لا تَرْجُ خَيْرَاً مِنْ بُطُونٍ أُشْبِعَتْ
مِنْ بَعدِ جُوعٍ قَدْ بَرَاهَا آنِفَا
طَبْعُ اللَّئِيمِ إذَا دَهَتْكَ مَصَائِبٌ
أبْدَى الشَمَاتَةَ فِي عَذَابِكَ واشْتَفَى
إنَّ الصَدِيقَ لَوِ النَّوَازِلُ أَحْدَقَتْ
أَهْدَاكَ قَلبَاً فِي الضُّلُوعِ مُرَفْرِفَا
لمْ يَأْلُ جُهْدَاً فِي إِمَاطَةِ كُرْبَةٍ
وجَلَا هُمُومَاً أطْبَقَتْ ..... وتَكَاتَفَا
فَإِذَا مَرِضْتَ وَجَدْتَهُ مُسْتَنْفِرَاً
ما أنْكَرَ الوِدَّ القَدِيمَ ..... وَمَا هَفَا
وتَرَاهُ يَبذلُ مَالَهُ عَنْ طِيبَةٍ
فِي نَفْسِهِ ... والخَيرُ يَزْهُو وَارِفَا
فَاخْتَرْ خَلِيلاً بَعدَ طُولِ تَجَارِبٍ
إِنَّ الخَلِيلَ يَقِيْكَ سُوءَاً مُجْحِفَا
ويَرُدُّ طَعْنَاً قَدْ يَعِيبُكَ رافِضَاً
قَولاً يُغِيظُكَ فِي الغِيَابِ مُزَيَّفَا
هَذَا حِزَامُكَ إِنْ مَرَرْتَ بِعُسْرةٍ
فاشْدُدْ بِهِ أزْرَاً ..... لتَبْقَى واقِفَا
تَنخاهُ إِنْ ضَاقَتْ عَلَيْكَ مَسَالِكٌ
واسْوَدَّتِ الدُّنيَا بِعَيْنِكَ .. واجِفَا
تَلقَاهُ سَبَّاقَا ...... يُسَانِدُ إِخْوَةً
عِنْدَ الشَّدَائِدِ مُسْعِفَاً ومُخَفِّفَا
أنْعِمْ بِخِلٍّ فِي النَّوَائِبِ حَاضِرٍ
ويَصُدُّ عَنكَ ... غَوَائِلاً وعَوَاصِفَا
.. رشاد العبيّد
سوريا - دير الزور