بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 مارس 2025

يعود لفطرته بقلم الراقي عبد العزيز عميمر

 يعود لفطرته :  

يريد أن يبكي بكاء مرّا، يعصر ألمه في حفنة دموع حارّة ،مالحة

يزيل كتل السحاب السوداء التي سدّت الدنيا بسوادها في عينيه ،وجعلته يعيد حساباته السابقة .

. هم يحسبونه قويّا ولا يملك دموعا،والدموع للأطفال والنساء في عرف مجتمعه، فالرجل لايبكي وإن فعل تحوّل لمرأة .

.أكيد لا يصدّقون دموعه،فليس من عادته فعل ذلك ! فالرجل يعيّر بدموعه،ولا يريد أن يتحوّل إلى مهزوم ،الصورة غير مقبولة معه،لقد أشبعهم نكتا وضحكا،وخفّف عليهم ،ورفق بهم ،كان جسرا لعبور أحلامهم ،ومتجرا لمشترياتهم ،فهو سهل المنال.

كان يجد سعادة عندما يبتسم الآخرون لإشارة يده التي تحمل حلمهم ،هو فأل خير عليهم ،يثير ابتسامتهم من بعيد دون 

دغدغة ،وضع نفسه في قوقعة بسلوكه وما تعودوا منه، هو الشيخ وهو الكبير،كبير القلب قبل عدد السنين،هو لايتذكّر غضبه وصياحه في وجوههم، رغم صوته القويّ ،بركانه مكبوت ! 

ألا يحقّ له البكاء !؟ كم يتمنى ذلك ! لا يقدر ،وإلاّ ألغى مبادئه وقفز على حكمته،يالها من حكمة تمنع الدمعة الحارّة من السقوط، وتُصوّرُه حجرا لايرقُّ ،هذا ما طُبع في أذهانهم،فكيف يهدم تمثلاتهم عنه ،ويريد أن يبقى في تمثال السند والعون! 

هم مسموح لهم البكاء ،يتلقون القبلات والمناديل المعطّرة لتجفيف حبّات الجوهر المتساقطة من المآقي ،أمّا هو.......!

أكيد لايبكي، ولا يثور ،يوزّع النكت فقط! قلبه يتلظى من الجمر،يحبس ألمه داخليا ويضغط بكلّ قوّة حتى لا تظهر التعبيرات على وجهه فهناك قارئ اللغة الجسدية ويفتضح أمره،وينتقل الخبر من أذن لأخرى !وماذا يفعل مع وجدانه!؟

يظنّ أنّ الطبيعة هي التي تغلب، ألم تتلبّد السماء بالسحب !؟

ألم تسقط الأمطار !؟معناه السماء تبكي ! وبعدها تجد راحة في زرقة السماء وفي صفائها،فقطرات المطر،عفوا،بل الدموع أزاحت

غضب الطبيعة وقلّلت من صوت انفجار رعدها، وهو إنسان لكنه جزء من الطبيعة ،فالبكاء محتوم ،بل محبّب للنفس،تتنفّس وترمي بركانها ،وتعود الضحكة تعانقه وتضع له وسام الشجاعة،وليترك الناس يخوضون في كلامهم وينعتونه بشتّى الأوصاف،لكن الأكيد فقد أطفأ جمرة الهيجان ،وأصبح مثله مثل الطفل والمرأة،حيث سمح لنفسه بالبكاء ولو خفية ،يحبّ الدموع فهي حارّة ومالحة ،كم يتلذّد حينما يعترضها بلسانه ويلعقها،هي مالحة ،وهي مليحة تداوي النفس المقهورة .

منذ أن بكى تغيّر حاله،أصبح يلبس مايعجبه هو ولا ينظر لذوق الناس،ويأكل مايريد،وأحيانا يميل لسلوك المراهقين ،يضحك فتتعالى الهرمونات وتفرز مادة السعادة،خلّصته الدموع وأصبح مثل الناس ،هو ليس قديسا ولا مثالا ،ولا ضحية،هو ابن وقته فقط ،أعطته الدموع قيمة الثقة بالنفس وتعزيز الشعور بإثبات ذاته ،بعدما رمى أصنام توهماته وهشّم مرآة الآخرين الذين ينظرون إليه من خلالها ،طوبى لمن عرف نفسه ،وتماهى مع سلوك الطبيعة ،وتشبّع بطبعها .

استنتج أن الدموع جسر لعبور الفرحة والمتعة ،ولا تكون البسمة إلا بعد عَبرة جارية،كلاهما في عجلة سيكولوجية لا تهدأ

( البسمة و الدمعة ) وكل واحدة يأتي دورها،هي الحياة تدور ،وتدور ،ولكلّ واحد منّا سكتة،عندما يتوقّف النبض ،وتأتي دورة أخرى لحياة أخرى منتظرة .

أقتنع أن يعيش حسب الفطرة وما جبلت عليها ،ويتماهى مع الطبيعة،فهي مبرمجة بحكمة ولغرض معيّن ،فلماءا يبغض 

فطرته ولا يبكي ،فالبكاء حقُّ مشروع ،وهو دليل صيحة 

الميلاد و الحياة لكل من يأتي لهذه الدنيا .

الكاتب الجزائري: عبد العزيز عميمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

سيف الله بقلم الراقية زينة الهمامي

 *** سيف الله*** يا ابنَ عمِّ المصطفى فيكَ العلا نجمُ الحقِّ تجلّى واكتملْ كنتَ في المهدِ عليًّا سامقًا وبلوغُ المجدِ فيكَ قد ارتحلْ أنتَ في...