عشقْتُ الحُسْنَ
عشقْتُ الحُسْنَ حينَ رأتْكِ عيْني
ولمْ أعلمْ سأحتَضِنُ العَذابا
ظنَنْتُ الحُبَّ منْ نَعَمِ الحياةِ
فذابَ القلبُ واجْتَرحَ العِتابا
فَرَشْتُ لَهُ فُؤادِيَ بالزُّهور
لذلكَ ظَلَّ ينْسابُ انْسِيابا
وَيَحْلُمُ ذاتَ يوْمٍ سوفَ يحْظى
بوَصْلٍ مِنْكِ يَسْقيهِ الرُّضابا
أتاهُ الْحُبُّ مبْتَسِمًا كريمًا
وقدْ أخفى كما النَمِراتِ نابا
فسارَ بلا هُدىً وَبِدونِ وعْيٍ
وراءَ هَوىً قَدِ اخْتَزِنَ السَرابا
فَتَحْتَ لَها بِكُلِّ هَوًى صُروحًا
لِيُغْلِقَ كِبْرُها لي ألْفَ بابا
وكَمْ حاوَلْتُ ألّا ازدادَ غَيْظَا
وَلكنْ زادني الْمَكْرُ ارْتِيابا
وكَمْ جاهَدْتُ كيْ أبقى وَدودًا
وأكْتُمَ لَوْعَةً بي واَضْطِرابا
فُؤادي قدْ عشِقْتَ جميلَ وجْهٍ
وفوقَ الوجهِ قد لبسَ النِقابا
سمعتَ نداءَ وهْمٍ يا فُؤادي
وبعضُ الوهمِ يعتَمِدُ السَحابا
فلا تقبلْ بِمَنْ جهِلَ الغَراما
ومَنْ مِنْ كِبْرِهِ فقدَ الصَوابا
ولا تحفلْ بمَنْ أَلِفَ ابْتِلائي
وأَهْلَكَني اشْتياقًا واكْتِئابا
ولا يُحْزِنْكَ مَنْ عَشِقَ الْخِداعا
ولم يبعثْ لأسئلتي جوابا
ولا تجعلْ مِنَ الأَلَمِ انْتِكاسا
فبعضُ الحُبِّ نأخُذُهُ غِلابا
أَيُعْقَلُ أنَّ مَنْ يهوى غرامي
لِأَيِّ رسالَةٍ لي ما اسْتَجابا
أَلا إنَّ المحبَةَ في انْتقاصٍ
وأرضُ العُرْبِ قد رُسِمَتْ شِعابا
بلادٌ قُطِّعَتْ وَغدَتْ فُتاتًا
وَسَمَوا الأمْرَ زورًا انْتِدابا
فما تركوا مجازِرَ دونَ فِعْلٍ
وما تركوا قُرًى إلّا خَرابا
بنو قحطانَ يا وجَعًا مُميتًا
رفعْتُم عند قبلتنا كِلابا
بنو عدنانَ يا أَلَمًا مَقيتًا
وضعْتُم عندَ صخرتِنا ذِئابا
أيا قومي الَذي هزمَ الظَّلاما
وشادَ المجدَ إذْ قرأَ الْكِتابا
أيا قومي الّذي وضعَ العُلوما
فأحْيَتْ بلْقعًا وَكذا اليَبابا
أيا قومي الَّذي هَزَمَ الأعادي
وَكانَ على مَدى الدُّنيا مُهابا
وَحَطَّمَ أنْفَ كُلِّ حقودِ قوْمٍ
وَأرْغَمَهُ رجوعًا وانْسِحابا
أيا قوْمي الّذي زَرَعَ الْمعالي
فَزَيَّنَتِ السُّهُولَ كَذا الْهِضابا
أيا قوْمي الَّذي قَهَرَ الْمُلوكا
وَكانَ لِكُلِّ جَبّارٍ شِهابا
تُرى ماذا جرى أَلَكُمْ جوابٌ
لِمَنْ مِنْ ذُلِّهِ كَرِهَ الخِطابا
أَأَنْتُمْ مَنْ مَشَوْا فوْقَ الْنُجومِ
أَأَنْتُمْ مَنْ تَجاوَزْتُمْ صِعابا
أَأنْتُمْ مَنْ عَبَرْتُمْ كُلَّ بَحْرٍ
وَكَمْ شَقَّتْ مَراكِبُكُمْ عُبابا
أَأنْتُمْ مَنْ نَشَرْتُمْ كُلَّ خَيْرٍ
وكانَ النَّشْرُ للَّهِ احْتِسابا
فما بالُ الْعُروبَةِ أنْكَرَتْني
كَأَنَّ قُلوبَنا ضَخّتْ تُرابا
فَهلْ لَبِسوا هباءً أو سُخامًا
وَمِنْ إذْلالِهِمْ خاطوا الثِّيابا؟
فلا عارٌ يَحيقُ بِهِمْ إذا ما
أهَالوا فوقَ أعْيُنِهِمْ هَبابا
ولا خِزْيٌ إذا الأَدْبارَ ولّوا
وَعِنْدَ خُطوبِهِمْ أَلِفوا السِّبابا
وحتى اسْتَسْلَموا لِعَدُوِّ عُرْبٍ
وَفيما بيْنَهُمْ شَحَذوا الْحِرابا
فيا ويْلَ الَّذينَ عَمَوْا وَضَلّوا
لَقَدْ خَسِروا إلى الرَّبِ الْمآبا
د. أسامه مصاروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .