مرايا التأويل
---------
وقفتُ أمامَ المرايا طويلا *** أفتّشُ عن سرِّ ذاتي عليلا
أحدّقُ في وجهِ حلمي فيبدو *** كسربٍ من الوهمِ كانَ ضئيلا
تقولُ المرايا: سأمنحُ ضياكَ *** ولكنْ تأمّلْ رؤاكَ قليلا
فإنْ كنتَ تدري الحقيقةَ فاسألْ *** لماذا يضيعُ الصدى مستحيلا؟
لماذا إذا لامسَ الفكرُ شيئًا *** تلاشى وخلّفَ وهْمًا هزيلا؟
لماذا نؤولُ دربَ الحقيقةِ *** حتى يُصبحَ الدربُ دربًا مَحِيلا؟
أأعرفُ أنّي أنا، أم أراها *** يدَ الوهمِ ترسمُ خطّي ميلا؟
أنا كلّما قلتُ: هذا يقيني *** تبدّلَ حتى غدا مستحيلا
وقفتُ أمامي، سألتُ الظلالَ *** أأنا في الحقيقةِ ظلٌّ جليلا؟
فأجفلتُ نفسي، ورُحتُ أفتّشُ *** عنّي، فكانَ التأويلُ سيلا
أجوبُ المدى في السؤالِ الغريبِ *** وأحملُ في راحتي مُستحيلا
وكلّ المعاني مرايا تُطلُّ *** ولكنْ، تُريكَ السَّرابَ نخيلا
تُبدّلُ أشكالَها كلَّ حينٍ *** كأنّ بها ألفَ وجهٍ عليلا
وإنْ قلتُ: أفهمُها جيدًا *** تجلَّتْ كطيفٍ بعيدِ المحيلا
تُناديني: اقرأ، ولكنْ تُوارِي *** مفاتيحَ سِرٍّ تعودُ فتيلا
فكلُّ قراءةِ نصٍّ تعيدُ *** احتراقَ اليقينِ احتراقًا ثقيلا
كأني كتابٌ تآكلَ حبرٌ *** بصفحاتهِ، واستحالَ سبيلا
كأني غريبٌ، أفتّشُ عنّي *** فيا ليتني أدركتُ المستحيلا
فمن ذا يحدُّ المعاني بلفظٍ؟ *** ومن ذا يرى العمقَ دربًا جميلا؟
إذا كانَ دربُ الحقيقةِ وهمًا *** فكيفَ السبيلُ، وأينَ الدليلا؟
سألتُ المرايا فألقتْ سؤالًا *** وصارتْ على مقلتي مستحيلا!
بقلم / احمد عزيز الدين احمد
؛؛؛ شاعر الجنوب
على بحر الكامل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .