بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 نوفمبر 2025

معلقة الظل والليل بقلم الراقي حسين عبدالله الراشد

 مُعَلَّقَةُ الظِّلِّ وَاللَّيْلِ

(القصيدةُ رَقْمُ أَرْبَعَة – مِنْ دِيوَانِ الْمَدَى)


يا لَيْلُ، ما لَكَ تَسْرِي في دَمِي قَلَقًا

حَتّى غَدَوْتَ لِقَلْبِي السِّرَّ والمَلْجَا؟


أَتَسْرِقُ الصَّبْرَ مِنِّي كُلَّمَا سَكَنَتْ

نَفْسِي، وتَفْتَحُ فِي الأَضْلَاعِ مَا انْطَوَى؟


فقالَ: «لَسْتُ أَجِيءُ الضَّوءَ أُطفِئُهُ،

بَلْ أَكْشِفُ السِّرَّ فِي الأرْوَاحِ مُنْتَبِهَا.


إِنَّ النُّفُوسَ تُجَرِّدْنِي لِأَعْرِفَهَا،

والجُرْحُ لَا يَخْفَى إذا اللَّيْلُ احْتَوَى.»


فقلتُ: «هَلْ يَشْفِي الزَّمَانُ جِرَاحَنَا؟

أَمْ يَبْقَى الوَجَعُ المُرُّ المُؤَجَّجُ فِينَا؟»


فقالَ: «لَا شِفَاءَ لِمَنْ خَاصَمَ نَفْسَهُ،

إِلَّا إذا صَالَحَتْ مَا ضَاعَ مِنْ سِنِينَا.


والجُرْحُ إنْ سَكَنَتْ أَطْرَافُهُ، ظَلَلْتَ تَرَاهُ،

فَالسُّكُونُ لَيْسَ نِسْيَانًا، وَلَا طَمَأَنِينَا.»


فقلتُ: «لِمَاذَا تَجِيءُ إذا ارْتَجَفَتْ

رُوحِي، وضَاقَ بِهَا، مِنْ ثِقْلِهَا، زَمَنِي؟»


فقالَ: «أَجِيءُ لِئَلَّا تَغْفُلَ نَفْسُكَ،

فاللَّيْلُ يُسْقِطُ أَقْنَاعَ المُنَافِسِ فِينَا.


أنا صَدَى الرُّوحِ، إِنْ بَكَّتْ بِغَيْرِ فَمٍ،

وَحَارِسُ السِّرِّ إِنْ ضَاعَتْ مَعَالِمُهُ فِينَا.»


فقلتُ: «يَالَيْلُ، هَلْ مِنْ بَابِ خَلْصَتِنَا؟

فَقَدْ سَئِمْنَا سُهُودًا يَقْطَعُ المُهَجَا.»


فقالَ: «لَيْسَ لِي بَابٌ تُفَارِقُنِي،

بَلْ أَنْتَ بَابُكَ، إِنْ فَقَّهْتَ مُنْطَلَقَا.


إِذَا صَالَحَ القَلْبُ ظِلَّهُ، اسْتَرْجَعَتْ

أَنْفَاسُهُ نُورَهَا، وَاِسْتَنْهَضَتْ أَلَقَا.


وَإِنْ عَدَتْ نَفْسُكَ الأَحْزَانُ مُنْقَطِعًا،

فَاللَّيْلُ يُصْلِحُ مَا فِيهَا إذا احْتَرَقَا.»


وقلتُ: «هَلْ يَفْنَى الأَسَى؟» قالَ: «كُلُّ أَسًى

يَبْقَى، ولكِنَّهُ يُهْذِبُ مَنْ تَجَرَّعَهُ.


مَا الحُزْنُ إِلَّا مَعَالِمُ نَفْسِنَا،

إنْ طَالَ فِينَا، بَنَى في الرُّوحِ مَوْضِعَهُ.


والنُّورُ يَأْتِي إِذَا صَبَرْتَ مُحْتَسِبًا،

وَلَوْ تَأَخَّرَ، يَظَلُّ الحَقُّ مَرْجِعَهُ.»


فَسَكَتُّ، ثُمَّ رَفَعْتُ عَيْنِي لِسُكُونِهِ،

وَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ لَنَا عَدُوًّا.


بَلْ مِرْآةٌ تَصْقُلُ الأَرْوَاحَ إنْ تَعِبَتْ،

وَصَوْتُ صِدْقٍ إذا زَمَنٌ بِهَا غَدَا.


---


**مُهْدَاةٌ إِلَى نَافِذَةِ «الْمَدَى»


وَمُسْتَوْحَاةٌ مِنْ هَمْسِهَا وَآفَاقِهَا.**


الشَّاعِرُ: حُسَيْن عَبْدُالله الرَّاشِد

✍️ وَلِكُلِّ عَقْلٍ طَرِيقٌ، وَهَذَا طَرِيقِي بَيْنَ النُّقُوشِ،

حَيْثُ تَلْ

تَقِي الحُرُوفُ بِالعَاطِفَةِ، وَيُولَدُ مِنَ الحَنِينِ رَبِيعٌ. 🌿

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

احتمال جديد بقلم الراقية فريدة الجوهري

 احتمال جديد جلست وحدها، تحدّق في العتمة التي تتسلل من نافذة الغرفة. كان الليل ساكنًا حدّ الاختناق، وكأن الهواء نفسه يراقب ارتجاف قلبها بصمت...