مُعَلَّقَة الظِّلِّ والفَسيفساء
ــــــــــــــــــــــــ
شِعر: أحمد عزيز الدين أحمد
ــــــــــــــــــــــ
في صَحارى الذاكرة،
تَسبَحُ الأنهارُ مقلوبةً،
ماؤها حِبرٌ أسوَدُ
يَكْتُبُ أسماءَ الأطفالِ
على أبوابِ المقابر.
غزّةُ،
امرأةٌ من زجاجٍ ملوَّن،
كُلَّما ضَرَبَها القصفُ
تَحطَّمَتْ إلى آلافِ المرايا،
لكنَّ كُلَّ مِرآةٍ
تعكسُ وجهَ شَهيدٍ جديد.
يا أرضَ الزيتون،
أيُّ نَبيٍّ خَبَّأ سرَّهُ في تُربتِك؟
كلَّما مَسَّكِ الرصاصُ
أزهرتِ بالدمِ القاني،
وصارتْ جذورُكِ
سُيوفًا خضراءَ
تُقاتِلُ في عروقِ الأرض.
إسرائيلُ…
تُدَوِّنُ تاريخَها بالحِصار،
تَغزلُ خُيوطَها من جثثِ الطفولة،
وتَخطُّ حدودَها
بمَحابرِ الدموعِ
وأقلامِ البارود.
والعالمُ…
مسرحٌ من كراسي صامتة،
يُصفِّقُ للقاتلِ بالأعينِ الزجاجيّة،
ويبيعُ للضحيةِ صكوكَ صبرٍ
مزخرفةً بختمِ الخُذلان.
لكنَّ فلسطينَ…
عصفورٌ يَرقُصُ على سلكِ الشوك،
يرتِّلُ آياتِ الرفضِ،
يُرتِّلُ أذانًا من جَراحه،
ويُهَدْهِدُ صراخَه باليقين.
ها هو البحرُ،
أزرقٌ كأحلامِ يتامى غَزّة،
يُطْعِمُ الموجَ قلوبًا محروقة،
ثم يَغنّي:
"مَن أرادَ العَدالةَ،
فليستَمِعْ لِلصَّمتِ
حينَ يَنهضُ من تُرابِ الشهداء!"
في الليلِ،
الأرضُ تُبدِّلُ جلدَها،
تُرتدي قُبَّعةً من قمرٍ جريح،
وتُعلِّقُ على صدرِها نجمةً فلسطينية
أكثرَ بريقًا من كلِّ سُقوفِ السماءِ.
القدسُ…
حَجرٌ يَبكي،
وحائطٌ يُصلِّي بدموعٍ غَيرِ مرئية،
ومآذنُ ترتفعُ كأصابعٍ
تُشيرُ إلى السَّماءِ:
"لن تَصمُتَ الأرضُ،
ولن تَنهزمَ الحجارةُ."
وهناك،
في عُمقِ الليلِ،
فَتى يَحملُ حَجَرًا أكبرَ مِن قلبِه،
يرميه نحوَ دبّابةٍ،
فيتفتَّتُ الجُرحُ إلى أجنحةٍ،
ويُحلِّقُ الدمُ إلى أعالي الغيوم.
يا فلسطين،
يا أنشودةَ الرُّوحِ
في زمنِ البَشاعة،
ستبقينَ نَجمةً سريالية،
تُضيئينَ على جدارِ العالم
سطرًا أزليًّا:
"هُنا يَنهَضُ الحُلمُ
رَغمَ أنيابِ الرّصاص،
وهُنا يَكتُبُ الدَّمُ قَصيدتَهُ
حينَ يَصمُتُ الكَون."
بًقُلَمً / أّحًمًدٍ عزيز أّلَدٍيِّنِ أّحًمًدٍ
،،،،، شاعر الجنوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .