سِفرُ الميلاد – بين الحلم والنبوءة
✍️ Avista Hamade
في الليلة التي نامت فيها المجرّات على كتف العدم،
انسلختُ عن جلدي،
ورماني الزمن في جوف آية لم تُكتَب بعد.
علّقني على عصب الريح،
كقنديلٍ يترصّد عبور الأرواح.
طفولتي كانت سبحةً من نجوم مكسورة،
تساقطت في بئر من حليب أسود،
وكل حبّةٍ فيها كانت بابًا إلى ذاكرة لا أملكها.
مشيتُ نحو القلب،
حيثُ الفرحُ ظلٌّ للهاربين،
والألم أميرٌ بلا تاج،
وحيثُ الحاضر يتغذّى من نخاع القرون الغارقة.
كنتُ أظن أن الأمان حارسٌ من نور،
حتى سُرقتْ دميتي على يد ريحٍ لها ألف وجه.
تدحرجتُ من صندوق اليقين
إلى فم الفراغ.
الآن،
أخشى أن أعلّق ضفيرتي على حبل الفجر،
فتلتقطها الغربان من نافذة الأفق.
تُبدّل النجوم شفرات العودة،
فتتكلم الغربة بلسانها،
ويجري في عروقها حبر الوحدة.
أنا لستُ زهرةً سقطت من نخاع الندى...
ولا ثمرةً تُبشّر بالموسم الأخير.
أنا الهامش الذي يقرأ سيرة الضوء في منفاه،
والليلُ في داخلي يتيم… يتيم،
يتوضأ بدموع الحنين،
يسأل الله: متى ينفطر الصباح؟
أرسمُ مزارعَ من مرجان تصلّي للعاصفة،
وأرمشُ مع السحاب على حدّ الغياب.
أعانق الكواكب وهي تنسلّ من جلد السماء،
وأغسلُ الحبّ بمطر الكلام،
ثم أدفنه في صدري،
حتى ينهض كعشبٍ يعرف أسرار الأرض والموت.
أنا المعلّقة بين ظلال الطفولة وشيخوخة الأزمنة،
والحكماء يسرقون مني غبار أعمارهم.
أجرُ كفني المُبتسر على شفرات اللحظة،
تائهةً في أضرحة الصمت،
ساجدةً في أنين الرجاء،
سابحةً حتى في ارتعاش الأمل.
جئتُ كرقّ خرج من قلب طوفان،
لكن البحر نسي أن يُلقيه على اليابسة،
وبقي الصدق يلوّح من شرفات جدي...
سأمشي فوق جمجمة القرون بقدمٍ من لهب،
وأزرعُ في تربة اللامعنى بيوض الأكوان.
ففي مملكة الرماد،
لا يخشى الموت من ظلٍّ
يبني قصوره من فم الفناء.
حتى إذا هويتُ في بئرِ ما قبلَ الوجود،
فلا فانوس هناك،
ولا صدى،
إلا همسًا يتردّد في خاصرة العدم:
"تلك الشروخ في روحك، ليست ندوبًا يا صغيرتي،
بل علامات عبورٍ إلى زمنكِ الهادئ،
حيثُ يولدُ الضوء من رماد الصبر،
لا من أفلاكٍ بعيدة."
آفيستا حمادة ⚘️
@الجميع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .