**حينَ يَنفَجِرُ الصَّمت**
في ظُلُماتِ المُستَقبَل
أرى وحوشاً عملاقةً
تُطفِئُ أحلامَ الفُقَراء.
أرى الخوفَ يلتَفُّ حولي
كَسُحُبٍ سوداء،
وأشعُرُ بالوَحدةِ تُغرِقُني
في هذا العالَمِ الصّامِت.
أيُّ مَرفَأٍ لِلضُّعَفاء؟ أيُّ أَمَلٍ؟
وُحوشٌ بِفُوهاتِ الجَشَع،
تَقتُلُ مَفاتِيحَ الحُلمِ،
وَالأَرضُ تَنوحُ بِجُرحٍ نازِف،
تَصرُخُ دِماؤُها: "إِلى مَتى؟"
أينَ وَجهُ الشَّمس؟
لِماذا تَرتَدي النُّجومُ أَكفانَها؟
في عَتمَةِ الأَيّامِ أُنادي،
هَل يَسمَعُ أَحَدٌ أَنيني؟
يَدايَ تَمتَدُّ لِقَطرَةِ ضَوء،
وَلَكِنَّ السَّماءَ صَمَّاء،
تَحمِلُ غُيوماً مِن خَيباتِنا،
تُحادِثُنا بِلُغَةِ الطُّغاة.
وَالأُفُقُ... قَبرٌ مَفتوحٌ،
يَبتَلِعُ النُّجومَ واحِدَةً تِلوَ الأُخرى،
يُطوِّقُنا بِحِبالِ العَجز.
أيُّها اللَّيلُ، هَل تَسمَعُني؟
أَلَم تَمَلَّ صَمتَكَ الأَعمى؟
أَلَم تَسأَمْ مِن وُجوهٍ
تَرتَدي الأَقنِعَةَ
وَتَبتَسِمُ كَالسَّكاكين؟
أَنا هُنا...
أَزرَعُ الكَلِماتَ في رِياحِ العَدَم،
وَأَنتَظِرُ... ثَورَةَ القُلُوبِ النّائِمَة.
ماذا لَوِ استَيقَظَتِ الجِبالُ مِن صَمتِها؟
ماذا لَو رَقَصَتِ الغاباتُ
عَلى أَوتارِ الرّيحِ الثّائِرَة؟
هَل سَتَفتحُ السَّماءُ عَينَيْها؟
هَل تَسقُطُ الشَّمسُ مِن عَرشِها؟
أَم تَغرَقُ البِحارُ في دُموعِ المَظلُومين؟
يا مَن بَنى الجُدرانَ حَولَ الحُلم،
سَنَهدِمُها بِقَذَائِفِ الْحُرُوفِ،
وَمِن رَمادِها سَنَنسِجُ جِسراً
يَعبُرُ بِنا إِلى صَباحٍ لا يَعرِفُ الخَوف.
أيُّها الطُّغاةُ، اِسمَعوا الأَرضَ
وَهِيَ تَنفَجِرُ بِنِيرانِ الحَق،
تُحرِقُ عُروشَكُم البالِيَة.
أَلا تَشُمّونَ دُخانَ الحَقيقَة؟
أيُّها اللَّيلُ العَتِيق،
اِستَعِدَّ لِنِهايَةِ عَهدِكَ الطَّويل،
فَالنُّجومُ الَّتي أَطفَأْتَها،
سَتَشتَعِلُ بِكُلِّ الضِّياءِ.
سَيُولَدُ مِنَ الظَّلامِ ضَوءٌ،
يَكتُبُ عَلى وَجهِ السَّماءِ:
"هَذا زَمانُنا،
هَذِهِ أَرضُنا."
- الأثوري محمد عبدالمجيد.. 18/11/2024