عصا ذي الشوك والقرنفل
قِفُوا انْتَظِرُوا القَوَافِلَ وَهْيَ تَتْرَى
صُعوداً لِلْمَعارِجِ حَيثُ تُطْرَى
شَهيدٌ قائدٌ يَتْلو شَهيداً
فَهُمْ بِالعالَمِ العُلْوِيِّ أَحْرَى
تَلَقَّاهُمْ مَلائكَةٌ كِرامٌ
وَطابَتْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ أَجْرا
تُبَشِّرُهُمْ بِأنَّ اللهَ راضٍ
كَفاهُمْ أنْ يَكونَ رِضاهُ بُشْرَى
وَقَدْ عاشوا يُظَلِّلُهُمْ إباءٌ
وَفيهم باهَتِ الأَجيالُ فَخْرا
وَماتوا مِيتَةَ الأبطالِ قَعْصاً
يُقَبِّلُ جَبْهَةً مِنْهُمْ وَصَدْرا
رَصاصٌ يَمْلَأُ الدُّنْيا أَزيزاً
ولا يُبْقِي لِمَنْ سَمِعوهُ عُذْرا
كِبارٌ زَيَّنوا وَجْهَ المَنايا
لِتَغْدُوَ في كَمالِ الحُسْنِ حُمْرا
فَمُقْعَدُهُمْ ثَوَى شَيْخاً لِيَبْنِي
مِنَ الأَشْلاءِ لِلأَبطالِ جِسْرا
وَذا يَحيى لِيَعْبُرَهُ شَهيداً
رَمَى بِعَصاهُ مَنْ قَتَلوهُ غَدْرا
عَصاً منها يَشِعُّ النَّصْرُ حَتْماً
وَآمالٌ تُحيلُ اللَّيلَ فَجْرا
عَصاً تَجْتَثُّ أشواكَ الأعادي
لِتَزرَعَ بِالقَرَنْفُلِ كُلَّ صَحْرَا
عَصاً كَتَبَتْ بِأَحْمَرَ عن مِثالٍ
أَبَى عَيشاً كَباقِي النَّاسِ مُرّا
وَآثَرَ مِيتَةَ الأَشجارِ لَمَّا
رَأَى مَوتَ الفَتَى يُحْيِيهِ حُرّا
عَصاً كَشَفَتْ قِناعَ العُرْبِ حَتَّى
بَدَا وَجْهُ العُروبَةِ مُكْفَهِرّا
وَعَرَّتْ وَجْهَ غَرْبٍ مُسْتَعارٍ
يُغَطِّي بِالحَضارَةِ ما تَعَرَّى
يَرَى في حَقِّنا في العَيشِ سُخْفاً
لِذا غَدْراً عَلَى دَمِنا تَجَرَّا
عَصاً طُوفانُها صَفَعَ الأَعادِي
وَساقَ خِرافَهُمْ لِلْعيدِ أَسْرَى
دُوَيْلَتُهُمْ حَقيقَتُها سَرابٌ
وَبَيْتُ العَنكَبوتِ يَظَلُّ شَعْرا
تُطَيِّرُهُ رِياحُ الصِّدْقِ يَوماً
فَيُمْسِي في هبوبِ الرِّيحِ صِفْرَا
أَخي يا صاحِبَ الطُّوفانِ يحيى
رِوايَتُكُمْ غَدَتْ لِلْكَونِ سِفْرا
بِها سُنَنَ البُطولَةِ قد رَأَيْنا
وَأنتَ تَعيشُها سَطْراً فَسَطْرا
عَصاكَ بِها فَلَقْتَ الرَّمْلَ صُبْحاً
لِتَجْعَلَ سَبْتَهُمْ كابوسَ ذِكْرَى
فَكانَ عَلَى مُرادِ اللهِ يَوماً
يُضاهِي يَومَ أَجْنادينَ قَدْرا
عَصاكَ بِها قَطَعْتَ طَريقَ حُلْمٍ
عَلَى الأوغادِ لِلأقصى وَبُصْرَى
وَلَولاها لَسَلَّمَ مَنْ وَلُونا
مَفاتِحَهُ، إِذِ التَّطْبيعُ أَثْرَى
عَصاكَ إذا تَمَنْطَقَها صَبِيٌّ
أَمامَ جيوشِهم تَلْقَى هِزَبْرا
عَصاكَ لِمَنْ عَصاكَ غَدَتْ شِهاباً
لِيَرْصُدَ مَن دَنا لِلقدسِ شِبْرا
تُداوِي رَأسَ مَن لِلخَيرِ عادَى
وَلِلأقصى نَوى في النَّفسِ شَرّا
عَصاكَ بِها هَزَزْتَ كِيانَ كُفْرٍ
وَقَدْ ظَنُّوهُ شَيئاً مُسْتَقِرّا
كِياناً مُنْذُ نَشْأَتِهِ كُسينا
وَكُلَّ الكَونِ لَيلاً مُسْتَمِرّا
مَتَى يا كَونُ تَسْطَعُ فيكَ شَمْسٌ
تُبيحُ لِمَوطِنِي المُحْتَلِّ سِرّا؟!
فَتُسْعِدَهُ وَتُسْعِدَ كُلَّ حُرٍّ
جَرَى دَمُهُ فِدَى الأوطانِ نَهْرا؟!
فَأَنَّى حُرَّةً تُضْحِي بِلادي
إذا لم نفدِها بحراً وَبَرّا؟!
وَكَيفَ الوُرْقُ تَهْدِلُ في أمانٍ
وَفي أَعْشاشِهَا الغِرْبانُ تَضْرَى؟!
وَأَينَ العَنْدَليبُ الحُرُّ يَشْدُو
إِذا البُسْتانُ وَالأَشْجارُ تُشْرَى؟!
أَبَا الخَضراءِ لِلإخوانِ بَلِّغْ
وِداداً في حَنايانَا اسْتَقَرّا
فَإنَّ عَصاكَ قد غَرَسَتْ جُذوراً
لِأشجارِ الإبَا لِتُغِلَّ جَمْرا
أَلَا فَاصْبِرْ وَصابِرْ ثُمَّ رابِطْ
فَلَيسَ الجُبُنُ فيكَ يُطيلُ عُمْرا
عَصاكَ عَصاكَ مَن لم يَعْتَمِدْها
سَبيلاً في الحياةِ فَلَيسَ حُرّا
المعلم المظلوم: محمد عمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .