حين تصبح الحياة طاغية
بقلم الشاعر إبراهيم العمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحيانا كثيرة تصبح الحياة طاغية ؛
تستحم بدموع عشاقها
وتتعطر بدماء قتلاها .
لا شيء عقلاني ،
كل شيء يتراكض ويتدافع حتى الثواني ،
تتشابك ، تتعارك ، تتوه في الاتجاهات ؛
حتى يضيع الإحساس بالوقت .
قد يكون الغد بعد سنة ،
وقد يكون بعد لحظة .
لكن دائما ، دون شك ،
أحيانا تشعر ، أن هناك غدا سيأتي .
وتفقد الإحساس بالوزن
وتعيش حالة انعدام الجاذبية .
الروح بين النجوم تسوح
تظن كل شيء مسموح
وكل شيء ممكن وممنوح .
ليست هناك أية عوائق
بين الفعل والفكرة ،
بين المبادرة وردة الفعل ،
بين الدافع والرغبة ،
بين السبب والمسبب .
المساحات والمسافات تفقد كل تلك الخطوط التي تحدّها .
ليس هناك مكان للكآبة والنكد في الأرواح الفسيحة .
ويجب أن تتمون من الفرح والسعادة قبل أن يأتي الغد ،
وقبل أن تبدأ حياة جديدة ومشوارا جديدا .
تتعلم كيف تطيل فترة الانفعال ،
تتعلم كيف تطيل عمر البهجة والانبهار،
تتعلم كيف تستمتع بالصبر
وتطيل فترات الانتظار .
تتعلم كيف تتعامل مع قلبك
وتتقرب من روحك .
تتمنى أن ترمي حجرا في الفراغ ،
تتمنى ديمومة اللحظة ،
تتمنى أن تستنسخ من ومضات السعادة ؛
لتعيد اللحظة كلما تنتهي .
تتمنى لو تستبدل لحظات عمرك المجهولة
بلحظات مستنسخة .
لحظات قد خبرت حلاوتها
وتذوقت كل ما تحوي من مرارة وألم وشوق وعذاب .
قد يحوي الغيب لحظات تفوقها سحرا وجمالا ؛
لكن أبدا لحظة الحب التي نعيشها ،
نتمنّى أن يتوقف عندها الزمن .
نتمنّى أن يتوقف الوقت عند لحظة ،
عند نظرة ،
عند همسة ،
عند لمسة .
تماما كما يحدث عندما تلامس منخريك زهرة غرد ينيا .
تماما كما يحدث عندما تعانق أذنك أصداء همسة حب رقيقة .
تماما كما يحدث للعاشق الذي يمضي الليل بين الأمل والذكرى ،
وخيال من يحب ويهوى يداعب كل حواسه .
يستمتع بألم السهر
وحرارة الشوق
ومرارة الانتظار .
يتمنّى أن لا ينتهي من عمره الانتظار ،
يتمنّى أن لا تنطفئ نار الشوق .
يود أن يعيش كل تفاصيل اليوم ،
وأن يؤخّر غروب الشمس .
فقد يكون هناك غدا وقد لا يكون .
وقد تكون لحظة الحب والبهجة
التي يعيشها الآن آخر لحظة ،
قد لا تتكرر .
كم هو مؤلم للروح هذا الجرح ،
وهذا النزيف ،
الذي يتسبّب به انسلاخك عن لحظة حرية ،
و تترك يد من تحب يدك ،
ويفارق خيال من تعشق خيالك .
وتختنق كل الكلمات التي لم تتلفّظ بها .
تسري الحرقة في جسدك ويلفّك الصقيع ؛