الكِتَابَةُ بِأَبّجَديَةٍ ثُنَائِيِّةِ التَرقِيم :
غِيَابُ الحُضُور .
ظَهَرت نَجْمَةُ المَسَاءِ تُطِلُّ عَلَيَّ قُبَيلَ الغُرُوبِ الغَرِيب ، سَمِعْتُهَا تَقُولُ : سَيَأتِيكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَلَا تَعْتَب إِلَّا عَلَى حُرُوفِ
الكَلَام …
و أَنَا أُجَالِسُ مُنْتَصَفَ الخَرِيفِ وَحْدِي بِلَا لَونٍ خَلْفَ نَافِذَتِي ، لَا أَنْتَظِرُ أَحَدًا ، و لَا شَيئًا ، يُخَيِِّّمُ عَمِيقَ الرُوحِ الظَلَام …
جَاءَ المَسَاءُ سَرِيعًا و رَسَم بِالنَجْمِ الدَلِيْل الجِهَات ، و أَنْتَ هُنَاكَ : لَا خَلْفَ خَلفَك فَانْهَض لِتُعِيدَ تَرتِيبَ خُطُوَاتِ الأَمَام …
: دَع عَنْكَ هَذَا و اذْهَب هُنَاكَ يُخْفِينِي المُصَابَ عَن الصَوَاب ، كُنْتُ الفِكْرَةَ الضِدَّ لِلمَوتِ أَعِيشُهَا يَومِي انْقِسَام …
أَنَا الحَيَاهُ فِكْرَةٌ أَعِيشُهَا نَفْسِي لَا أَعْرِفُهَا و لَا تَعْرِفُنِي ، أَنَا الخَصْمَانِ فِي خَصْمٍ يَخْتَصِمَانِ مَن أَثَارَ الكَلَامَ و بَدَأَ الخِصَام …
ظَنَنّتُ بِأَنَّنِي نَفْسِي هُوَ أَنَا فِي الهُنَا و فِي الهُنَاكَ ، و لَمَّا بَحَثْتُ عَنِّي وَجَدتُنِي فِي ذَاتِ الوَقْتِ لَائِمًا و مُلَام …
مُخَاطِبًا المَسَاءَ : جِئتَ مُسْرِعًا لِتَكْتُبَنِي حَرفَ البِدَايَةِ ، أَو لَتُنْهِي الرِوَايَةَ فِي البِدَايَةِ حَرفَ الخِتَام …
نِمْتُ فِي حُلُمٍ أَفَاقَ يَحْكِينِي لِعَابِرٍ رَاقَبَنِي أَهْذِي كَابُوسًا ، و نَامَ الحُلُمُ مُتْعَبًا يُوقِظُ مُتْعِبًا شَخِيرَ المَنَام …
حَلُمْتُ بِأَنَّنِي أَحْلُمُ أَنَّ الحُرُوفَ تَقْتُلِنِي دَاخِلَ المَعْنَى ، لِأَصِيرَ هَبَاءً بِطَعْمِ النَدَى و أَخْتَفِي طَائِرًا لَونَ البَيَاضِ فِي شَكْلِ الغَمَام …
وَصَلْتُ سَقْفَ السَمَاءِ خَفِيفَ الذِكْرَيَاتِ مُتَخَفِفًا مِن ثِقَلِ المَكَانِ ، أَرَى الأَبْيَضَ الفَاضِحَ لَانِهَائِيًّا و أَسْمَعُنِي بَلَا أَنْفَاسِي ذَابَت فِي هَدِيلِ الحَمَام …
تَذَكَّرتُ وَقْتَ سَمِعْتُ الصَهِيلَ بِأَنَّنِيَ نَسِيتُ إِطْعَامَ الفَرسِ ، و أَذْكُرُ تَرَكْتُ رُدَينِيًا مَصْقُولَ الحَدَّينِ خَارِجَ الغِمْدِ الحُسَام …
هُنَاكَ رَأَيتُنِي تُرَافِقُنِي دُمُوعُهَا تَسِيلُ عَلَى الوَجْنَتَيْن بِغَزَارَةٍ ، تُنَادِي : تَعَالَ أَطْبَعُ عَلَى جَبِينِكَ البَارِدِ قُبْلَةَ الوَدَاعِ ، سَمِعْتُهَا نِدَاءَ الغَرَام …
أَذكُرُكِ اخْتَفَيتِ تُمَاشِينَ ظِلِّي يَسِيرُ دَرْبَ الرَحِيلِ ، يُوصِلُنِي إِلَى الهُنَاكَ وَحْدِي حَيثُ أَكُونُ ، و أَسْمَعُكِ تَبْكِينَ مَلَامِحِي رُسِمَت شُحُوبَ المَعْنَى يُمَعْنِينِي العَدَمَ ، تَقُولِينَ غَادِرَ سَرِيعًا بِلَا أَلَمٍ يُوجِعُنَا ، تَمُوتُ الآنَ عَلَيكَ مِنِّي السَلَام …
قُلْتُ لَكِ و صَوتِي يَتَحَشْرَجُ فِي الشَهِيقِ يَزْفِرُ بَقِيَتِي تُنَادِيكِ ، و تَرجُو لَونَ وَجْنَتَيكِ دَامِعًا فِي شَكْلِ ابْتِسَام …
أَخَذَنِي الغِيَابُ نَفَسًا عَمِيقًا ، و كَأَن سَالَ جَسَدِي لُيُخْرِجُنِي مِنِّي فَلَكَ الوُصُولِ ، فَأَرَانِي أَبْصَرتُ جَسَدِي كَانَ يُثْقِلُنِي وَزْنَ المَكَان ، قَبْلَ أَن أَخِفَّ فِي اللَّامَكَانِ يُسَاكِنُنِي الهُيَام …
أَعِيشُ فِي اللَّازَمَانِ بَعْدَ ذُبُولِ الثَوَانِي مَاتَت مَعِي نَفَسًا أَخِيرًا ، لَا أَعْرِفُ مَصِيرِي فِي هَذِهِ الأَبَدِيةِ البَيضَاءَ هَلَاكُ الأَنَام …
هُنَا فِي كَامِلِ المَعْنَى لَا مَعْنَىً يُمَعْنِي المُمَعْنَى ، لَا السُؤَالُ يُسْأَلُ كَي يُجَابَ ، و لَا الإِجَابَةُ تُبَيِّنُ الوُضُوحَ فِي الإِبْهَام .
سامي يعقوب . / فلسطين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .