معاناة حبيبة
هَوَتْ دَمْعَةٌ مِنْ مُقْلَتَيْهَا تَلَهُّفَا
وِدَادٌ غَزَا قَلْبًا حَنُونًا وَمُرْهَفَا
بَكَتْ عَيْنُهَا بَلْ أَمْطَرَتْ مِنْ تَحَسُّرٍ
مَآسٍ صِرَاعَاتٌ أَبَتْ أَنْ تُكَفْكَفَا
غَدَتْ تَشْتَهِي نَوْمًا لِتَنْسَى حَبِيبَهَا
وَلَكِنْ أَبَى أَنْ يَأْتِيَ النَّوْمُ قَدْ جَفَا
تَوَالَتْ لَيَالٍ بَلْ شُهُورٌ عَصِيبَةٌ
لَيَالٍ غَدَا السُّلْوَانُ فِيهَا تَأَفُّفَا
فَمَا بَالُهَا تَرْضَى بِحُبٍّ مُحَطِّمٍ
بَهَاءُ الْمُحَيَّا كَانَ كَالْحُلْمِ وَاخْتَفَى
صَدِيقَاتُهَا عَاتَبْنَهَا شَرَّ لَوْمَةٍ
كَذَا الْأَهْلُ قَالُوا قَلْبُهَا صَارَ مُرْجَفَا
وَقَالُوا زَمَانُ الْعِشْقِ قَدْ زَالَ وَانْقَضَى
زَمَانٌ تَوَارَى الْحُبُّ وَاللَّاعِجُ انْتَفَى
أَمَا زِلْتِ فِي حُلْمٍ وَوِدٍّ قَدِ انْمَحَى
أَلَمْ تَهْتَدِي قَدْ صَارَ حَالُكِ مُؤْسِفَا
تُحِبِّينَ شَخْصًا لَيْسَ أَهْلَ صَبَابَةٍ
تَعِيشِينَ حُبًّا صَارَ دَيْدَنُهُ الْجَفَا
أَجَابَتْ بِصَوْتٍ خَافِتٍ غَيْرَ وَاضِحٍ
كَصَوْتِ صَبِيٍّ ذِي حَيَاءٍ تَعَفَّفَا
تَوَالَتْ سُيُوفُ اللَّوْمِ تَنْهَالُ صَوْبَهَا
نِبَالٌ تَشُقُّ الْقَلْبَ بَلْ تَكْسِرُ الْقَفَا
فَقَالَتْ أَلَيْسَ الْقَلْبُ قَلْبِي وَخَافِقِي
وَ مَا شَأْنُكُمْ أَنْتُمْ فَعِشْقِي لَهُ شِفَا
وَ مَا بَالُكُمْ تَبْغُونَ حَتْمًا تَعَاسَتِي
فَكُفُّوا لِسَانَ الْخُبْثِ زِدْتُمْ تَعَسُّفَا
أَرَاكُمْ كَحُسَّادٍ تَغَارُونَ وَيْلَكُمْ
أَرَى حُكْمَكُمْ هَذَا غَشُومًا وَمُجْحِفَا
فَمَنْ ذاق عِشْقًا لَا يُعَاتِبْ مُتَيَّمًا
هُوَ الْعِشْقُ سِرٌّ قَدْ أَبَى أَنْ يُعَرَّفَا
هُوَ الْحُبُّ بَحْرٌ نَبْعُ كَنْزٍ وَلُؤْلُؤٍ
كَذَا ذَوْقُهُ حُلْوٌ شَهِيٌّ وَقَدْ صَفَا
وَقَدْ قِيلَ مَنْ يَسْعَدْ بِحُبٍّ فَقَدْ نَجَا
وَمَنْ يَشْقَ لَا لَوْمٌ عَلَيْهِ فَقَدْ هَفَا
فَشَا الْوُدُّ هَذَا ذَاعَ وَامْتَدَّ صِيتُهُ
وَقَدْ صَارَ عِشْقًا مُعْلَنًا بَلْ تَكَشَّفَا
وَلَمَّا تَبَدَّى الْأَمْرُ أَضْحَى حِكَايَةً
تُدَاوَلُ بَيْنَ النَّاسِ نَصًّا وَأَحْرُفًا
فَقَالَ أَبُ الْمَعْشُوقِ هَلْ صَحَّ مَا جَرَى
بُنَيَّ أَلَيْسَ الشَّهْمُ عَدْلًا وَمُنْصِفَا
فَتَاةٌ تُعَانِي تَرْتَجِي قَلْبَ مَيِّتٍ
فَهَذَا غُرُورٌ قَدْ تَجَلَّى وَأَشْرَفَا
سِهَامُ مَلَامٍ حَرَّكَتْ نُبْلَ قَلْبِهِ
فَأَضْحَتْ هِيَ الْحُبُّ الَّذِي اخْتَارَ وَاصْطَفَى
وَعَاشَا حَيَاةً حُلْوَةً فِي سَعَادَةٍ
وَقِصَّتُهُمْ صَارَتْ كِتَابًا مُؤَلَّفًا
فهد الطاهري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .