بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 سبتمبر 2022

إبحار في قصيد بقلمي د/ نوال حمود

 إبحار في قصيد 
   بقلمي د/ نوال حمود 

قصيدة من  النثر الحداثي 
( ق.ن.ح)  أحببتها حد التماهي 
وقبلها أحببت صاحبتها ...
ويعاب على الناقد أن يتحدث عن مشاعره في معرض النص 
...لكنها الحقيقة وسأضع القصيدة بين أيديكم بعد دراستها ...
القصيدة للشاعرة السورية 
السامقة هيام عبدو ...
🎉
عنونتها الشاعرة بسؤال 
وأيما سؤال ؟! 
سؤال فيه المثير وفيه الكثير 
الكثير، حد الشهقة ...
      🎉لم 🎉  [بفتح الميم  ]
[ لم ]: اللام حرف جر دخل على ( ما ) الاستفهامية فحذفت الألف واستعاضت الشاعرة عنها بالفتحة ...
عملا بالقاعدة النحوية 
(إذا دخل حرف جر على ما الاستفهامية حُذفت ألفها وعوّض عنه بفتحة)
ومثلها قوله تعالى : {من الأمثلة على استعمالاتها:
 {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}سورة النمل آيه ٣٤ 
 ويُقال في إعراب (ما) هنا اسم استفهام مبني في محل جر بحرف الجر.
إذ   وظفت شاعرتنا  العنوان خير وظيفة؛ وكأنها استخدمت مفتاحا تقول لنا من خلاله : 
ادخلوا قصيدتي آمنين من معرفة داخلي وفكري علكم تعرفون الإجابة ...
ثم تبدأ قائلة :
(يرتاد الصمت حواري 
حروفي )
استخدمت فعلا مضارعا (يرتاد )بعد أن  شخصته متخركا بفعل يفيد الحركة   أضاف لمفهوم الجملة الفعلية الحركة ...
عطفت عليها جملة اسمية بحرف ( الواو ) وكأنها تبين لنا التشاركية بين حواسها كاملة 
فكان الوصل فكل من الفصل والوصل يجيء لأسباب بلاغية.
ومن هذا يُعلم أن الوصل جمع وربط بين جملتين «بالواو خاصة» لصلة بينهما في الصورة والمعنى، أو لدفع اللَّبس.
والبلاغة لا تتحقق إلا «بالواو» العاطفة فقط دون بقية حروف العطف؛ لأن «الواو» هي الأداة التي تخفَى الحاجة إليها، ويحتاج العطف بها إلى لطف في الفهم، ودقة في الإدراك؛ إذ لا تفيد إلا مجرد الربط، وتشريك ما بعدها لما قبلها في الحكم...
(ومدفأة من سكون 
ليس لجمرها مكان 
من الإعراب 
تزار 
تثرثر ...)
(مدفأة )اسم في دلالته يدل على مكان اتقاد النار وهو بالتأكيد نار من حطب وخلافه
وجاء متعلقها ( من سكون ) 
وكيف اجتمع السكون مع النار ؟! وأين الجمر الناتح عن الاحتراق ..؟! 
( ليس لجمرها مكان ) 
إذا اين هو الموقع ؟! واين الجمر ؟! صور بلاغية متدفقة 
يتقد الفكر معها لمعرفة الحالة 
النفسية المعتملة في صدر الشاعرة من صروف الدهر 
ويأتي الجواب كصدمة نحوية 
صرفية إن دلت على شيء فهي دليل تمكن الشاعرة من ناصية علوم اللغة العربية وتوظيفها ...
(...
ليس لجمرها مكان من الإعراب ..) الإعراب هنا بمعنى الأفصاح ..
[لا مَـحَلَّ له من الإعراب أي: ليس له حكمٌ إعرابي، لا رفعٌ ولا نصب ولا جر ولا جزم.

فمن المعلوم أن الأحكام الإعرابية أربعة، وهي الرفع والنصب والجر والجزم، وهي تدخل على الاسم والفعل المضارع معربين أم مبنيين، فكل اسم لا بد له من حكم إعرابي: رفع أو نصب أو جر. وكل فعل مضارع لا بد له من حكم إعرابي: رفع أو نصب أو جزم....]

وأما الحرف والفعل الماضي وفعل الأمر فهذه الثلاثة لا تدخلها الأحكام الإعرابية، ولذا يقال في إعرابها: لا محل له من الإعراب، أي: ليس لها حكم إعرابي.

وأما الجملة فإذا وقعت موقع الاسم كان لها حكم إعرابي (محل إعرابي): رفع أو نصب أو جر، وإذا لم تقع موقع الاسم فليس لها حكم إعرابي (محل إعرابي)، فيقال فيها: لا محل لها من الإعراب.
إذا هي النار المتقدة في الصدر وتغذي الفكر بحميمها 
(تزأر 
تثرثر 
وحيدة تنفث دخانا ...) 
يا لها من استعارات بليغة شديدة الوقع على النفس 
فالزئير / الزئير هو صوت السباع صوت أجش منخفض التردد عالي الطبقة يبعث الرهبة في قلوب الفرائس
إن كان همهمة او عاليا ..
تثرثر / الذي يكثر الكلامَ في تكلُّفٍ وخروج عن الحدّ.
والثرثرة جاء في علم النفس انها عبء نفسي يعاني منه الشخص فيستفيض بكلام كثير ...
(وحيدة تنفث دخانا 
سرابا من سنين خلت 
جمرات على حوافها 
مشيب من رماد ...) 
صور بديعة متلاحقة وكأنها 
لوحة يرسمها فنان 
فذكر (النار) يستوجب ذكر (الدخان )( تنفث ) كأنها من شدتها نفث أفعى ...
(سرابا ) والسراب هو :
ظاهرة بصرية تتكون بشكل رئيسي من صور لأشياء بعيدة.
 وقد تكون تلك الصور ثابتة أو متذبذبة، واحدة أو متعددة، مستقيمة أو معكوسة، موسعة أو مقلصة رأسياً...
(سرابا من سنين خلت ) 
إذا هي تراكمات من خوالي 
السنين وما زالت ترزح على كاهل الشاعرة ...
(جمرات على حوافها 
مشيب من رماد )
جملة اسمية مكتملة الأركان أرادت الشاعرة من خلالها ان 
هذه الجمرات مستقرة لا تغادر إحساسها 
(جمرات على حوافها 
مشيب من رماد ) 
صورة مركبه فالجمر لابد ان يكون من مخلفاته الرماد وهو فضي اللون يميل للبياض عادة ...
وهذه الحالة التي تمر بها زادت من عمرها ، فشاب لها شعر رأسها هما وغما ...
وفي المثل العربي نقول آذا كان المصاب جللا [ يشيب من هوله الولدان ] ...
(تصطنع ابتسامة من دفء 
وأنا اتعمد ...) 
ورغم كل هذه الخكوب والمحن والألم ، ترسم ابتسامة 
فيها الكثير من الدفء لتحمي من حولها من حمل همها ..

( لا اتحسس حرارتها 
ليس جحودا ..) 
أحاول قدر الإمكان الابتعاد 
عن هذه الجمار المشتعلة في القلب ...
ليس بسبب الجحود  واللامبالاة [والجحود هو  الإنكار رغم المعرفة ، لم يعترف به.]
(ليس جحودا 
بل صمتا يسبق 
عاصفة من عبرات )
لا عجب إذا فهي أمام عاصفة 
من البكاء بسبب خيبة ارهقت الروح منها 
( أمام  وعد تدلت عناقيده 
خاوية الثمرات ) 
والوعد هنا هو العهد : والعهد هو الميثاق ...
فأي خيبة طرقت فؤادها 
واي حصاد لثمار انتظرتها الروح ..
ثم تقول 
( هب 
أنني زرعت قفر الضلوع
بأمل 
لقاء يأتيني على عجل 
فلم ...
تشد الرحيل ؟ )
(هب ) [تَأْتِي فِعْلَ أَمْرٍ جَامِدٍ (لاَ مَاضِيَ لَهُ) بِمَعْنَى الظَّنِّ، وَهِيَ مِنْ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ تنْصِبُ مَفْعُولَيْنِ ].
(فلما
 تشد الرحيل ؟ 
تتعلق بأوتاد من عتمة 
ليل طويل 
وتختفي ...) 
لله درك شاعرتنا ها قد استحضرت لذاكرتي الشاعر الفحل امرؤ القيس ومعلقته عندما وصف لنا ليله قائلا : 

وليلٍ كمَوجِ البحر أرخى سدولَه
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لمّا تمطّى بصُلبه
وأردف أعجازًا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويلُ ألا انجلي
بصبح وما الإصباحُ منك بأمثلِ
فيا لك من ليل كأن نجومَه
بكل مُغار الفَتلِ شُدّتْ بيَذْبُلِ
صورة راقية وجميلة / 
فالعتمة تتعلق بأوتاد وليل طويل مدلهم يأبى المغادرة ..
( وتختفي ...
آخذا معك كل أثر 
لحديث كانت حروفه 
بين شرايين وجظي 
دليل ) 
ابدعت في الوصف ، نعم هو النبض والشرايين وذاك الوجد الذي يرتفع تارة وينخفض اخرى فيشغل العقل بعد
تلقيه أوامر  القلب..
لتنهي لنا قصيدتها بمجموعة من الاسئلة التي لا إجابات عليها 
(لم ...؟
وألف سؤال بعدها 
دون تعليل ...)
أسئلة كثيرة بعد كل ما قدمت وبعدكل تلك الوعود ؛ وبعد ثقة ضاعت ،ولا أجوبة 
تطفيء النار المتقدة ..
(فأبقى أنا ...
وصمتي ذاك الرخيم  
يهادي ذات المساء 
ألف سؤال 
لايجد لرده 
سواء سبيل ) 
يالها من خاتمة ( سواء سبيل ) والمعروف لغة وبيانا ان نقول [ سواء السبيل ] 
لكنها فضلت النكرة على المعرفة لحالة تمر بها في عالم مليء بالجحود ..
تحياتي للشاعرة السامقة ، وحروفها التي سطرتها من نور ومعرفة وبأسلوب بلاغي راق ، 
يؤثر بالسامع أو القارىء [حد الدهشة ] وكما بدات اختم .
سلمت الايادي شاعرة الياسمين الحبيبة ..
____________________

القصيدة للشاعرة السورية 
هيام عبدو 
لمَ....؟

يرتاد الصمت حواري 
حروفي 
ومدفأة من سكون 
ليس لجمرها مكان 
من الإعراب 
تزأر
تثرثر 
وحيدة تنفث دخاناً 
سراباً من سنين خلت 
جمرات على حوافها 
مشيب من رماد 
تصطنع ابتسامة من دفء
وأنا أتعمد ...
لا أتحسس حرارتها 
ليس جحوداً 
بل صمتاً يسبق 
عاصفة من عبرات 
أمام وعد تدلت عناقيده 
خاوية الثمرات 
هبْ 
أنني زرعت قفر الضلوع 
بأمل 
لقاء يأتيني على عجل 
فلمَ...
تشد الرحيل؟ 
تتعلق بأوتاد من عتمة
ليل طويل 
وتختفي...
آخذاً معك كل أثر 
لحديث كانت حروفه 
بين شرايين وجدي
دليل
لمَ...؟
وألف سؤال بعدها 
دون تعليل 
فابقى أنا...
وصمتي ذاك الرخيم 
يهادي ذات المساء 
ألف سؤال 
لا يجد لرده
سواء سبيل
بقلمي
هيام عبدو-سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

قال بقلم الراقي د.سامي الشيخ

 قال: يا ربَّةَ الحرفِ  مشهودٌ أناقتهُ فيكِ الصبابةُ  والأشواقُ تأتلقُ هذي الأناملِ  للأشعارِ قد خُلقت فلتنثري نبضةً  كي يطرب الورقُ تغدو ال...