"في ممرات الصمت"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ممرٌ حديديٌ كئيبُ الفضاءْ
وفيه الأقدامُ تغوصُ بالماءْ
لزجٌ، تفوحُ منه رائحةٌ تقتلُ الأمل
تقْبِضُ الأنفاسَ، وتختنقُ الأجواءْ
نسيرُ جميعًا في صفٍّ لا ينكسرْ
ورقابُنا تُطأطئُ دونَ انكسارْ
نسمّى أصحابَ الرقابِ المنحنيةْ
نسيرُ بصمتٍ، بلا أيِّ فرارْ
صندوقٌ أحمرُ يظهرُ في الطريقْ
نحملُهُ دائمًا، لكن أين تذهبُ الصناديقُ؟
وما في جوفها؟ أسئلةٌ قديمةٌ،
تشتعلُ في الظلامْ
مللتُ الرائحةَ، والرتابةَ القاسيةْ
تقدمتُ أسألُ أبي بصوتٍ خفيّْ
"أين تُخزن الأسرار، ولمَ نحنُ في هذا المكانِ سجينون؟"
ما إن نطقتُ، حتى تضخّم رأسي
وكاد أن يكسِرَ الممرَّ الحديديَّ الكبيرْ
توقفَ الجميعُ، والنظراتُ تائهةٌ
نظروا إليّ، وأبي انحنى لي في الأخيرْ
انتزعَ رأسي، ووضعَه في صندوقْ
وانطلقَ يركضُ بسرعةِ الطلقِ المسروقْ
ورأسي فارغٌ، لكن الأسئلةُ في عمقِ نفسي
خبأتُها في صمتٍ، قبلَ أن أعودَ للطفولةِ من جديدْ
أبي يقطعُ من قلبهِ رأسًا جديدًا لي
لأعودَ صغيرًا، لا أتجاوزُ الركبتينِ
لكنّي احتفظتُ بالأسئلةِ في عمقِ عقلي
وقررتُ أن أبحثَ عن الحقيقةِ في السنينْ
تعلمتُ ألا أنطقَ قبلَ العلمِ
وألا أتحدثَ، حتى أتعلمَ اليقينْ
(( رانيا عبدالله))