بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 نوفمبر 2024

رحيل الأحبة بقلم الراقي وهيب عجمي

 رحيلُ الأحِبّة

…………….

رَحَلَ الأَحِبَّةُ فَالعُيونُ أُوارُْ

وَدِماؤنا بِعُيونِنا ... فَوّارُ


وَوُجوهُنا طَيَّ العَذابِ شَواحِبٌ

لَيْلٌ طَغى فيها وَماتَ نَهارُ


وَضُلوعُنا مِثْلَ الديّارِ خَرائِبٌ

وَقُلوبُنا بَيْنَ الضُلوعِ قِفارُ


فَالمَوْتُ يَطْحَنُنا عَلى أَضْراسِهِ 

وَحْشٌ رَهِيبٌ قاتِلٌ غَدّارُ 


مَلِكٌ قَوِيٌ عابِثٌ بِحَياتِنا 

يَقْضي وَما لِقَضائِهِ مِعْيارُ


وَبِدونِ ذَنْبٍ أَنْتَ مَحْكومٌ وَلا

جَدَلٌ ، فَلَيْسَ مَعَ القَضاءِ حِوارُ


كُلُّ الأَنامِ نِعاجُهُ في غابِهِ

وَقَرارُهُ لا ، لَيْسَ مِنْهُ فِرارُ


قَدَرٌ يُلاحِقُنا لآخِرِ نَكْبَةٍ 

سَوْداءَ فيها تَنْتَهي الأَعْمارُ


حَكَمَتْ عَلَيْنا مُنْذُ كانَ وُجودُنا

بِنِهايَةٍ فيها النَّحيبُ شِعارُ


بِنهِايَةٍ صَفْراء َتَقْذِفُ سُمهَّا

بِعُروقِنا وإِذا بِنا نَنْهارُ


كُلُّ الصِغارِ كَما الكِبارُ فَريسَةٌ

لِلدَّهْرِ غدّار ، فَلا إِنْذارُ


أَرْواحُنا بِيَدِ الزَّمانِ رَهينَةٌ 

فيها تُنَفِّذُ حُكْمَها الأَقْدارُ


رَحَلَ الأَحِبَّةُ فَالدِّيارُ كَئيبَةٌ

تَبْكي عَلى أَحْبابِها الأَحْجارُ


رَحَلَ الأَحِبَةُ فَالسَماءُ جَريحَةٌ

نَزَفَتْ عَلى اَهْلِ التُّقى الأَمْطارُ


رَحَلَتْ شُموسً أَحِبَتي عَنْ أَعْيُني

فَلِمَ العُيونُ وَقَدْ خَبَتْ أَنْوارُ ؟


بَدأَتْ حَياةٌ بِالبُكاءِ كَما انْتَهَتْ

مَجْبورَةً وَمُرادُها الإِجْبارُ


فَأَحِبَّتي وَقَعوا بِمِصْيَدَةِ الرَّدى

وَوُجوهُهُمْ مِنْها النُّجومُ تَغارُ


وَقُرى المَحَبَّةِ أَظْلَمَـتْ وَعَلى جُفونِ

الشَّمْسِ مِنْ دَمْعِ القُرى أَنْهارُ


رَحَلَتْ وُرودي وَاخْتَفَتْ بِعَبيرِها 

وَالفَصْلُ باكٍ مَا لَهُ أَزْرارُ


وِالياسَمينُ تَطايَرَتْ أَوْراقُهُ

أَقْلامُهُ لَيْسَتْ لَها أَخْبارُ


جُدْرانُ بَيْتي مَزَّقَتْ أَثْوابَها 

وَتَصَدَّعَتْ إِنَّ البُيوتَ دَمارُ


وَجِرارُنا مِثْلَ القُلوبِ تَحَطَّمَتْ

عَطَشًا هَوَتْ فَتَناثَرَ الفَخّارُ


وَعَريشَةٌ فَوْقَ السُّطوحِ عَليلَةٌ 

فَرَغَتْ يَداها ما بِها أَثْمارُ 


لكِنْ عُنْقوداً بَدا في حِضْنِها 

يَشْوي وَيَعْصِرُ قَلْبَهُ التَّذْكارُ 


عُنقودُ دالِيَتي فُؤادٌ نازِفُ

دَمُهُ عَلى وَجْناتِهِ مِدْرارُ 


وَبِجَنْبِ دالِيَتي المُصابَةِ تِينَةٌ

يَبِسَتْ فَهَمَّ بِأَكْلِها المِنْشارُ


فَهَوَتْ عَلى كًتِفِ السِّوارِ تَضُمُّهُ

وَجَعًا فَتَمْسَحُ جُرْحَها الأَسْوارُ


آذانُ شُبّاكي الّتي طَرِبَتْ بِهِمْ 

قَدْ دَوَّنَتْ ما قالَهُ السُّمّارُ


هذا هُوَ الشُّبّاكُ يا أُمّي الّذي 

عَنْهُ ابْتَعَدَتِ وغابَتِْ الأَنْظارُ


عَيْناهُ غارِقَتانِ في بَحْرِ الأَسى

لِلْعَنْكَبوتِ عَلى مَداهُ سِتارُ


شُباكُنا ما زالَ في خَلَواتِهِ 

وَلَدَيْهِ في خَلَواتِهِ أَعْذارُ 


فَتَحَتْ سَنَوْنَوَةٌ نَوافِذُها بِهِ 

فَلَها بِبَهْوِ الرّاحِلينَ مَزارُ


هذي بُيوتٌ أَمْ قُبورُ أَحِبَّتي 

وَأَزورُها إَنَّ القُبورَ تُزارُ


ماذا أَقولُ مَتى وَصَلْتُ لِحَيِّنا 

إِذْ لَيْسَ فيهِ أَهْلُنا والجارُ ؟


أَاَصيحُ أُمّي أَمْ أُنادي والدي

وَبِحَيِّنا كُلُّ البُيوتِ غُبارُ ؟


ينْهالُ دَمْعي بَلْ أَغُصُّ بِمِلْحِهِ

وَالقَلْبُ جَمْرٌ وِالعُيونُ شَرارُ


للأُمِّ تَنّورٌ عَلَيْهِ أَحْرَقَتْ

أَرْتالَ جوعٍ كُلُّها أَخْطارُ


وَلَها عَلى خَصْرِ الطَّهارَةِ مِئزَرٌ

ما هَزَّهُ خَوْفُ وَلا إِعْصارُ


وَرَغيفُ أُمّي بِالمَحبَّةِ مُثْقَلٌ

وَالزَيْتُ مَجْبولٌ بِهِ وَالغارُ


ولَكَمْ سَقَتْ وَرْداً فَزادَتْ رَوْنَقاً

فَتَذَمَّرَتْ مِنْها الوُرودُ تَغارُ


لِلْوَرَْدِ بَهْجَتُهُ عَلى وَجَناتِها 

ذَبُلَتْ عَلى وَجَناتِها الأَزْهارُ


فاسْوَدَّ قَلْبُ الصَّاجِ تَحْتَ رَغيفِها 

يَشْكو الصَّقيعً فَمَلَّتِ الأَحْجارُ 


وَتَشَقَّقّتْ وَتَفَتَّتتْ وَكَأَنَّما 

قَدْ جَدَّ فيها يَنْحَتُ الحَفَّارُ


وَلِوالِدي عِنْدَ الخِزانةِ دَفْتَرٌ 

لِلْذِكْرَياتِ مُكَبَّلٌ مُحْتارُ


وَحِلاوَةٌ في صَوْتِهِ أَحْبَبْتُها 

فَمَتى يُغَنّي تَنْتَشي الأَسْحارُ


وَإِذا دَعا الرَّحْمنَ في صَلَواتِهِ 

يَوْمَ الجَفافِ فَتهْطُلُ الأَمْطارُ


لكِنَّما شَمْسُ المُجاهِدِ أَغْرَبَتْ

رَحَلَ الضِّياءُ وَوَدَّعَ الأَطْهارُ


وَقَميصُهُ الثَّلْجيُّ باتَ حَمائِمًا

أَسْرابُها هَجَرَتْ وَحَلَّ غُبارُ


قَدّ أُلْبِسَ الثَّوْبَ المُعَفَّرَ بالنَّدى 

وَالحُزْنُ فَوْقَ جَبينِهِ زِنّارُ


وَلِوالِدي بَيْنَ العَقارِبِ ساعَةٌ

قَدْ باتَ يَحْمِلُ عِبْئَها المِسْمارُ 


نادَتْ فَما سَمِعَ المُناضِلُ صَوْتَها 

سقَطَتُ تَئِنُّ وَكُلُّها أَسْرارُ


مِنْديلُ أُمّي كَم تَراقَصَ فَرْحَةٌ 

يَوْمً القِطافِ وَدَنْدَنَتْ أَوْتارُ


زَيْتونَةٌ قَدْ أَسْدَلَتْ أَغْصانَها

فَتَزاوَجَتْ بِذُيولِها الأَطْيارُ


لكِنَّها مالَتْ عَلى خَدِّ الثَرى 

تَحْنو عَلى مَنْ في الثَّرى قَدْ صاروا


مِثْلي عَلى الأَحْبابِ ذابَ فُؤادُها

وَحَنينُها للأَهْلِ ليْسَ يُعارُ


مِنْ جُرْحِ عاطِفَتي سَكَبْتُ قَصائِدي 

بِدَمِ العَواطِفِ تُكْتَبُ الأَشْعارُ


الشاعر وهيب عجمي لبنان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا ومرحبا بك في مدونة واحة الأدب والأشعار الراقية للنشر والتوثيق ... كن صادقا في حروفك ويدا معاونة لنا ... فنحن حريصين علي الجودة ونسعي جاهدين لحفظ ملكية النص .

يا منية النفس بقلم الراقي د.محمد أحمد غالب أحمد

 يا منية الروح. :::::::؛؛؛؛؛؛؛:::::::: القلب ولهان والفكر أضحى مشتتاً من كثر المآسي وحبكِ حل واستحكم وسط جوفي كالجبال الرواسي  كلما فكرت أن ...